رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

وكأن كراهية بعض العرب لنا جديدة !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هل نحن في حاجة لتصحيح الصورة الذهنية عنا كسعوديين في الشارع العربي، ولو افترضنا أننا صححناها، وأصبح العرب كل العرب راضين عنا، ماهي الفائدة المرجوة من ذلك، ماذا سيقدم لنا عرب الشمال والفلسطينيون وعرب الأمصار غير الاستنزاف الوجداني والسياسي والمالي.
ما هو المنتج الحضاري أو الطبي أو المعماري الذي سيدعم حياتنا ويعظم من تطورها.. في ظني لا شيء!
دول فاشلة امتلكت الثروات الطبيعية والمياه والأراضي الزراعية، مكبلين باتفاقيات سرية مع المستعمرين الأوائل يدفعون لها إتاواتهم ويتحدثون في إذاعاتهم وإعلامهم عن الشرف والمقاومة، حكومات ثورية أتت من رحم الأحزاب والمؤامرات السرية، قتلوا بعضهم بعضا، يعيشون على ماضٍ ما عاد له حظ، مدنهم تحولت إلى مكب للنفايات وأنهارهم جفت وأراضيهم الزراعية أجدبت.
لنراجع فقط المئة عام الماضية من تاريخ السعودية، لنرى أن كراهية بعض العرب للسعوديين متوارثة، هي ليست اختلاف سياسي نتج عنه خصومة، ولا صدام حضاري وثقافي بسبب عداء، بل كانت في أصلها أماني بغيضة بزوال النعم، وتمني الشر والشماتة والفرح بكل أمر سيئ يصيبنا.
دائما ما يدور جدل بين المثقفين والإعلاميين من جهة وبين متابعيهم في الشارع السعودي، عن تقصيرنا كأفراد وكمثقفين وكمؤسسات في إظهار حقيقتنا للعالم العربي، يصاحب ذلك جلد للذات كلما اجتاحتنا موجة جديدة من الكراهية.
لنفهم أكثر هندسة وصناعة العداء ضد السعودية علينا أن نعود أكثر إلى بدايات توحيد المملكة في دولتها الثالثة، ولنقم بمقاربة نفهم بعدها هل العداء للسعودية عابر - سرعان ما ينطفئ، أم هو أصيل وممنهج يتوارثه الآباء والأبناء عن الأجداد.
لقد كان قيام الدولة السعودية الثالثة وتمددها من جديد على كامل الجزيرة العربية العام 1932مـ صدمة كبيرة في فضاء خصومها التقليديين، الدرعية التي بالكاد أسقطها العثمانيون عبر حملتين عسكريتين كبريين، توقع الكثير أن لا تقوم لها قائمة مرة أخرى ومع ذلك نهضت وتوسعت، وفي تاريخ الأمم من الصعوبة على دولة قضي عليها أن تعود وتستعيد عافيتها، ليست مرة بل مرتين بعد الأولى.
أقسى ما تجرعوه من مرارة وحسد، أن السعودية الجديدة لم تكن أشبه بالقارة فقط، بل وتضم جناحين أثّرا في العالم أيما تأثير؛ خدمتها للحرمين الشريفين، وخرج من باطنها أكبر حقول النفط في العالم، كيف لهؤلاء البدو الرّحل الذين كانوا يطلبون الرزق في دمشق وبغداد والبصرة والزبير والقدس وحيفا ويافا أضحوا يتحكمون في مصير إمدادات الطاقة للعالم.
يتجرعون تركيبة الشرق الأوسط على مضض وأمر لم يستسيغوا قبوله؟ كانوا يعلمون أنه إذا أضاءت الرياض، ستنطفئ دمشق وإسطنبول وبيروت وبغداد وغزة والجليل وبرج البراجنة وكل مستوطنة يتنفس ويعيش فيها أولئك الحاقدون، لا لشيء إلا لأنهم انشغلوا بغيرهم عن تطوير بلدانهم.
هل نسيتم مقولة الأمير محمد بن سلمان في منتدى الاستثمار قبل عامين، عندما قال: نحن لا نريد أن نتطور لوحدنا بل نريد لكل المنطقة أن تتقدم وأن تكون أوروبا الجديدة.
كان الأمير يفهم تلك التخوفات، وكان يرسل لهم أن السعوديين ليسوا أنانيين، نعم يبحثون عن تقدمهم ويسعون نحو مستقبل مزدهر، لكنهم في الوقت نفسه يريدون الخير للجميع، وأن يتقدم كل الشرق الأوسط معهم، هي رؤية مبنية على أخلاق وقيم ومكارم أخلاق السعوديين.
بلا شك هذا العداء وهذا البغض واقع لا يمكن تغييره، لكن يمكن التعايش معه، ألم يكرهونا أيام الناصرية، أليسوا هم من أيّد الخميني ضدنا، ومن هتف لصدام يطلبون منه قصفنا بالكيماوي، ألم يؤيدوا بن لادن وداعش عندما فجروا في مدننا.
كم أتمنى أن لا نخسر ريالا واحدا في محاولة تصحيح صورتنا عند العرب، فهم لن يتغيروا لأنهم يكررون اليوم ما تمناه آباؤهم لنا من قبل، وإذا كان لدينا مشروع لسياسة ناعمة تصحح المفاهيم الخاطئة فلتكن مشروعا إسلاميا عالميا، يخاطب المسلمين والغرب، هل نسينا معرض الرياض بين الأمس واليوم لقد كان خير سفير لنا.
نقلا عن عكاظ

arrow up