رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الحريد وما أدراكم ما الحريد!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أكثر من استفاد من وباء «كورونا» هو سمك الحريد، فلأول مرّة في التاريخ يصل هذا السمك إلى جزيرة فرسان بالسعودية، ولم يجد أحداً في استقباله وصيده، وذلك بعد أن منعت السلطات التجمعات. وشاهدت صوراً موثقة لمجاميع تلك الأسماك وهي تسرح وتمرح على الشاطئ بسعادة بالغة. وتأتي تلك الأسماك بألوف مؤلفة في موعد ثابت هو نهاية شهر مارس (آذار) وبداية شهر أبريل (نيسان) من كل سنة، وتحديداً في منطقة يقال لها (الحصيص). ونظمت السلطات مهرجاناً للأهالي في ذلك اليوم؛ حيث ينطلقون بعد إعطائهم إشارة البدء، وفي أيديهم الأواني التي يضعون فيها هذه الأسماك، التي يقبضون عليها بالأيادي وهي ترمي بنفسها في المياه الضحلة على الشاطئ. أما في الماضي، ومثلما علمت من الأستاذ إبراهيم مفتاح، وهو أديب مؤرخ من أهالي الجزيرة، فإن ذلك اليوم كان يعدّ عند الأهالي قديماً بمثابة يوم عيد، حيث يجهزون حيواناتهم من الإبل والحمير، ويزينونها وينقشون على أجسادها الحناء، ويصنعون لها العصائب المزركشة لوضعها على رؤوسها، كما تعلق في أعناقها أجراس صغيرة تبعث أنغاماً موسيقية أثناء الركض، ويدشّون بها الماء، ويجمعون غلّتهم من الأسماك ويضعونها على ظهورها، ثم ينطلقون في سباق، وكل صاحب دابة يريد أن يكون هو الأول ليبشّر أهله. وما إن تغيب الشمس تبدأ الاحتفالات الشعبية للعرسان في المنازل التي تمت فيها زيجاتهم في تلك السنة، ويبدأ الغناء والرقص في سعادة بالغة، حيث ضمنوا مؤنة السنة. ويبدأ الشعراء التباري بشعرهم الشعبي، فيقول الأول: قال المغني الحريد وقته جاني يا زين هاتلي المعاني بالله عليك يا حريد لا تنساني يكفي الذي أعاني فيرد عليه الثاني: فزيت من مرقدي وأقول في فكري ذا إلا حلم واشتبه لي إلا وباهي الخدود واقف قبلي ما صدقت يوم هرج لي خلاني أذكر زمان جهلي وأيامي الذي مضت لي فيجاوبهما الثالث: والعين مسماليه ملا بالكحل تكفي الكحل لا لمح لي والأنف مثل القلم فضة مجلي وفيه الزمام مطلي ريقه كمثل العسل دوا للمبلي لمريض الهوى كمثلي وإلى الآن لم يستقر الرأي من أين تأتي هذه الأسماك، رغم أن الرأي المرجح أنها تأتي عبر رحلة طويلة من مياه المحيط الهندي الباردة باحثة عن المياه الدافئة. ولكن السؤال المحيّر هو: لماذا تأتي إلى هذه المنطقة بالذات، وفي ذلك اليوم المحدد، وهناك المياه الدافئة في مناطق كثيرة من البحر الأحمر؟!
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up