رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

رمضان في غياب والدتي الحبيبة التي اختارها الله إلى جواره !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

فرحة الشهر الفضيل شهر رمضان الحقيقية تجدها في التواصل الإنساني، ومباركة الأهل والأصدقاء والجيران وأهل الحارة والأقارب وصلة الأرحام، تهنئ بشهر العبادة والتقرب إلى الله، سياحة روحية في رحاب الشهر الفضيل ومباركة لهم بهذا الشهر الفضيل، وتبادل الأمنيات والدعوات الصالحات أن يجعلنا الله (من المقبولين)، ومعاودة المرضى الذين أرادت مشيئة الله أن يقضوا الشهر الفضيل ملازمين لأسرتهم البيضاء، تخفيفا لآلام معاناتهم ومشاركة لهم بفرحة دخول رمضان، مما يخفف من آلامهم ويرفع من معنوياتهم ويجعلهم يشعرون بالانتماء والدفء في أحضان الأهل الذين يقاسمونهم الفرحة متمنين لهم عاجل الشفاء.
جميعنا تأخذنا مشاغل الحياة وضرورات العمل والمسؤوليات الاجتماعية عن أنفسنا حتى لنذهل عن أجمل الأشياء التي منحها الله لنا، فلا نستمتع بها. ومن ذلك قضاء أكبر وقت ممكن مع الوالدين، لنسترد بقربنا منهما شيئا من طفولتنا التي سرقتها المسؤوليات ونعود أطفالا كما كنا نستدفئ بظل الحماية تحت ظلهما، ونستشعر الأمان في أحضانهما. وإذا ما كبرا أو مرض أحدهما أو كلاهما سنجد المتعة النفسية حين نرد لهما بعض دينهما علينا فنحنو عليهما ونرعاهما ونسهر على راحتهما مثلما فعلا لنا ونحن كأضعف ما نكون، لم يمنعهما من السهر علينا ونحن نعاني المرض في طفولتنا مشاغل العمل أو مسؤوليات البيت أو المجتمع. فما الذي يمنعنا من السهر عليهما وهما مرضى اليوم.. ولماذا!. كنت استصحب هذه الخواطر ويملأ قلبي هذا الإحساس ممنيا النفس بقضاء هذا الشهر الفضيل أنقطع فيه عن العالم بالتقرب إلى الله وملازما والدي ومستأنسا بقربي منهما، أبثهما حبي وتأكيدي لهما بأنني سأظل معهما، رفيقا وأنيسا وخادما وصاحبا.
إلا أن إرادة الله وقضاءه وقدره سبحانه وتعالى شاءت أن يأتي رمضان في غياب والدتي التي اختارها إلى جواره «في هذا الشهر الفضيل قبل الماضي»، نسأله تعالى أن يكون أبدلها صاحبا خيرا منَّا ودارا خيرا من دارنا، لذا أقضي رمضان هذا العام بجوار والدي أواسيه وأبدد وحدته، وأغسل، ما وسعني الجهد، ما ترسب في قلبه من حزن لفقده رفيقة دربه الطويل في السراء والضراء. نحمد الله أننا لم نكن في ساعة الحزن والفقد وحيدين فقد تقاطرت وفود المعزين الكريمة ينيرون بوجوههم المعزية الطيبة وبعطر وجودهم السمح صمت غرفنا الحزينة. والحق أقول، لقد هزتني مشاعر فاض بها قلبي وأنا أتلقى مكالمة هاتفية من سيدي الملك سلمان، واستشعرت الفخر يملأ جوانحي بأنني أنتمي إلى تراب هذا الوطن، وأن الله قد أكرمنا حين جعل هؤلاء الرجال قادتنا وولاة أمرنا. رجال تستند عليهم وقت الحاجة والشدة دون أن تسألهم، ويبادرون بالوقوف معك لحظة تواجه محنك لوحدك فتشعر أن الوطن كله إلى جانبك يقف، وأنك تسند ظهرك على جدار قوي آمن. وتساءلت: كيف يستطيعون تذكر كل الناس في هذه اللحظة التي تفيض فيها أبوابهم ومجالسهم وممرات قصورهم وتغص بالناس؟!. وما من إجابة سوى: إنها ذاكرة الوفاء التي لا تنسى، ولا تسقط منها ورقة. ومن شب وتربى على شيء شاب عليه. فهكذا كان جوهرة التاريخ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهكذا كان نهجه الذي سار ودأب عليه وربى أبناءه على نهجه، فقد كان (رحمه الله) أحرص على أصحابه من نفسه، يتفقدهم، ويعود مريضهم، ويحنو عليهم وكأنهم أبناؤه. وهذا دأبنا مع أبناء عبدالعزيز - رحمه الله - فكل واحد منا - أبناء الوطن - يشعر بأنه الوحيد المختص بحبهم وحدبهم ورعايتهم، وتحت هذا الظل نروح ونغدو، وتقر أعيننا هناءة واطمئنانا وحبا وأمنا. وكل عام وأنتم ومن تحبون بألف خير .

arrow up