رئيس التحرير : مشعل العريفي

غيتيس،:هل كان الاتفاق النووي مع إيران قرارا صائبا أم خاطئا بالنسبة لواشنطن؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد:نشرت شبكة الـ"سي إن إن" العالمية  مقالا لفريدا غيتيس وهي صحفية مستقلة تكتب عن الشؤون العالمية لـ"مايامي هيرالد" و"ورلد بوليتيكال ريفيو"، وعملت كمنتجة ومراسلة سابقة لـCNN.
وتطرح الكاتبة غيتيس في بداية مقالها عدة تساؤولات : هل كان الاتفاق النووي مع إيران قرارا صائبا أم خاطئا بالنسبة لواشنطن؟ أصبح هذا السؤال نقطة خلافية حول العالم، ولكن الحكم الفاصل سيظهر فقط مع مرور الوقت.بعد أن تمت الصفقة، هناك مسألة أكثر إلحاحا: ماذا نفعل مع إيران الآن؟ ماذا ستفعل أمريكا وأصدقاؤها لضمان أن هذا العالم الجديد ما بعد الاتفاق سيصبح أكثر - وليس أقل - أمانا؟
إذا كان كلا الجانبين، الموالي والمعارض للاتفاق النووي، صادقا في حججه، سيوفر المستقبل أرضية مشتركة للمعارضين والمؤيدين للعمل معا. تنازلت إيران عن أجزاء رئيسية من برنامجها النووي، ولكنها ستستمتع بإمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية، وجني عشرات المليارات من الدولارات نقدا، ولن يُتعامل معها على أنها منبوذة دوليا. ولكن العديد من الدول العربية لا تثق في الاتفاق، مما يؤدي إلى لجوئها لقوة السلاح، كما يحصل بالصراع في اليمن، ضد ما تعتبره تهديداً مرتفعاً من إيران، خاصة مع بداية تنفيذ "خطة العمل المشتركة الشاملة" .(JCPOA) في حين أصر الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري على حد سواء أن الصفقة لها هدف واحد فقط، وهو منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. وأنكرا بشدة الاقتراحات بأن الاتفاق النووي كان جزءا من خطة أكبر لإعادة وجود أمريكا في الشرق الأوسط وتطوير تحالف أوثق مع ايران على حساب حلفاء أميركا العرب.إذ يصر أوباما وكيري على أن البيت الأبيض ليس تحت أي وهم بأن إيران ستصبح دولة أكثر جدارة بالثقة، قائلا مرارا وتكرارا: "لا تقوم هذه الصفقة على الثقة ولكن على التحقق." ومن جانبهم، يصر منتقدو "JCPOA" على أن موقفهم يستند إلى اعتبارات أمنية، وليس إلى دوافع سياسية لتقويض الرئيس.وفي هذه المرحلة، ينبغي لجميع الأطراف المعنية أن تعمل على تعظيم المنافع وتقليل المخاطر الناجمة عن الصفقة، ففي حال كان كلا الجانبين صادقا، يجب أن يتضح أن على الولايات المتحدة وحلفائها خلع قفازات الدبلوماسية والتوجه إلى جهد موحد لمنع إيران من اغتنام هذه الفرصة واستغلالها لتعيث فسادا أكبر في منطقة الشرق الأوسط.ورغم حقيقة وجود تيار إصلاحي يسعى إلى تعديل سلوك إيران، إلا أنه لا يوجد شك أيضا في أن الدولة لا تزال تهيمن عليها نواة قوية من المتشددين الذين يتسق مرادهم مع أهداف الثورة الإسلامية في 1979 التي أسقطت الحاكم المؤيد للغرب رضا بهلوي، وأعطت القوة لآية الله الخميني.
تهدف إيران لتصدير ثورتها، إذ يتعهد دستور الدولة فعليا بدعم لا متناهي لمن تعتبرهم "مستضعفين"، ويحدد بالأخص أن من واجبات الحرس الثوري الإيراني "الوفاء بمهمة الجهاد الأيدولوجية.. وهي بسط سيادة شريعة الله في جميع أنحاء العالم."
والشرق الأوسط والنقاد الغربيون يشعرون بالقلق من احتمال غش إيران، كما فعلت مرارا وتكرارا مع اتفاقية حظر الانتشار النووي، واكتسابها أسلحة نووية أثناء أو مباشرة بعد فترة العشر سنوات التي تقتضيها "خطة العمل المشتركة الشاملة" قبل الرفع التام والشامل عن جميع العقوبات والرقابات على إيران.
إنهم قلقون من تزايد قوة إيران واستمرار توسع نفوذها في المنطقة، الذي قد يحمل عواقب وخيمة، إذ تركت الدولة إلى جانب جماعة "حزب الله" اللبنانية درب إرهاب يمتد من الشرق الأوسط إلى أوروبا وآسيا وحتى أمريكا الجنوبية.
أنقذت إيران وحليفها "حزب الله" اللبناني الديكتاتور السوري بشار الأسد، وساعدته في قتل مئات الآلاف من السوريين. كما أن طهران ووكلائها يهيمنون سياسيا في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وتقول الأنظمة السنية المعارضة للدولة الشيعية إن الإيرانيين يسعون إلى بناء جسر سياسي في البلدان الأخرى.
وطهران تزود "حزب الله" بالأسلحة الإيرانية ومبالغ مالية تصل قيمتها إلى مليار دولار سنويا، ومن المرجح أن تزيد هذه المبالغ. ويُذكر أن "حزب الله"، الذي استهدف إسرائيل بآلاف الصواريخ في الماضي، لديه ما لا يقل عن 100 ألف صاروخ موّجه الآن إلى إسرائيل.
وهناك بالفعل مؤشرات مقلقة تدل على أن إيران لم تتغير كثيرا، فبعد ساعات فقط من أمر أوباما برفع العقوبات الاقتصادية على خلفية برنامج طهران النووي، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن دولتها ستواصل تعزيز قدراتها الصاروخية في تحد لحظر فرضته الأمم المتحدة ورغم العقوبات الدولية ضد هذه الأنشطة. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أطلقت إيران صاروخا باليستيا قادر على إيصال رأس حربي نووي في انتهاك للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة. وتأخرت إدارة أوباما في الرد على ذلك خوفا من تقويض الاتفاق النووي.
وحتى مع حلول "يوم تنفيذ" الاتفاق النووي، وعمل الحكومتين الإيرانية والأمريكية معا خلال صفقة تبادل الأسرى، خُطف ثلاثة أميركيين في بغداد على يد ميليشيات تدعمها طهران.
والآن بعد أن أصبحت الصفقة حقيقة واقعة، يمكن لإدارة أوباما التحرك بقوة أكبر للضغط على إيران دون خوف، وهذا يتطلب تحولا نفسيا كبيرا.
إذ ظهرت إدارة أوباما حتى الآن كمدافع عن إيران، من شدة تركيزها على هدف تأمين الاتفاق، تجاهلت أو قللت من شأن أي مخالفة صدرت من طهران. والأفظع من ذلك، أنه ضمن خطة أمريكا لتسليح مقاتلين سوريين لمكافحة تنظيم "داعش"، طلبت الولايات المتحدة من الذين انضموا إلى برنامجها بالتعهد بعدم مهاجمة القوات الموالية للديكتاتور السوري (حليف إيران)؛ وهو أحد أسباب انهيار خطة تسليح المعارضين السوريين.
إذا كان كلا الجانبين مهتما فعلا بردع النظام الإيراني عن إيذاء الولايات المتحدة وحلفائها، إذا حان الوقت لمعارضي ومؤيدي "JCPOA" إلى نسيان الماضي والعمل معا على تحقيق ما هي - بناء على بياناتهم - الأهداف الأمنية المشتركة.
ويعني ذلك فرض "JCPOA" بصرامة شديدة، ورفض عمليات إيران الإرهابية وملاحقة كل المتورطين فيها، والعمل مع الحلفاء العرب لطمأنتهم بأن الولايات المتحدة لم تتخل عنهم، وحتى العمل بهدف إرغام الديكتاتور السوري الوحشي على التخلي عن السلطة.
تعطي أنشطة إيران على مدى العقود القليلة الماضية كل إشارة للمجتمع الدولي بأن نظامها خطير، وأفعالها في الأشهر الأخيرة، وحتى في الأيام الأخيرة، تشير إلى أن ذلك لم يتغير. منع أذى إيران يجب أن يصبح المبدأ التوجيهي لتوحيد المؤيدين والمعارضين للاتفاق النووي.
CNN

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up