رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد السحيمي
محمد السحيمي

كتاب خطير لو كان الحمام يطير!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

غادرنا الأسبوع الماضي إلى دار الخلود الأديب الأستاذ (عبد الله بن ردَّاس)، صاحب واحد من أخطر الكتب في الساحة السعودية، لو كان الشعب (المتنيئم) يقرأ!! وهو كتاب (شاعرات من البادية)، الذي صدر زمن الطيبين في جزئين؛ ولم يبد حينها غريبا، في مجتمع كان طبيعيا فيه أن تقول المرأة الشعر؛ كأي مجال آخر مفتوح للجنسين دون شروط مسبقة كشروط (الإسكان قريبا)! وقد ذكر المؤرخ ـ رحمه الله ـ في مقدمته كثيرا من العقبات التي واجهته، أهمها أن ذاكرتنا المزهمرة خِلقةً تعتمد على الرواية الشفوية، ولكنه لم يشر إلى أي حرجٍ من ذكر أسماء النساء «اسم الله علينا»؛ منسوبةً إلى قبائلهن أو أسرهن أو مناطقهن؛ فلم تكن المرأة عورةً، ولم تكن عارًا على قومها؛ بل على العكس تماما كانت رمز الشرف، فلا يخوض فارس معركة إلا وهو يصهل بأعلى صوته: (أنا أخو فلانة)! وقد شمل الكتاب جميع الأغراض الشعرية المطروقة من الذكور، كالغزل، والمدح، والفخر، والرثاء، والحكمة، والحماسة، وهي التحريض على القتال؛ كما تقول (هيا بنت مبارك الشدادية الحارثية): اِردوا كما وِرد الظمايا ... الموت أخير من الحياةْ! يا خايفين من المنايا ... من جاه سَوْ الموت مات.. الموت ما خلَّى الصبايا ... نجل العيون المترفاتْ! ومن حيث المستوى الفني يكشف الكتاب عن أن الشاعرة لم تكن تقل عن شقيقها الذكر، بل ربما سارت أبياتها مسير الشوارد والأمثال، فمن منا لم يكتوِ بلوعة (نورة الحوشان) وهي تقول: اللِّي يَبِينا عيَّتْ النفس تبغيه ... واللِّي نبي عيَّا البَخَتْ لا يجيبه! ومن منا لم تنفضه (قشعريرة) النخوة مع قول الشاعرة (فضة) من أهل (الرس): كان ما زبَّنَّا بنَّاي العمود ... ما يطهِّرْنا ولا شط الفراتِ! ومن منا لا يحترم (مباركة بنت علي الثبيتية العتيبية) وهي تلوم زوجها حين باع بندقيته فتقول: احرص على ذكرك الطيب بعد ما صرت مذكور... واصبر على الوقت لا تجزع وابشر بالرباحِ. وأي تحليل لانقسامات العرب وكوارثها، أعمق من قول (هيا الشدادية الحارثية) وهي ترثي ابنها الذي قتل في إحدى الغزوات التي خسرها القوم بسبب اختلافهم لا قوة خصمهم: من عقب ما صاروا على الضد صافين .... راحوا كما لطَّام عينه بيمناهْ؟؟!! نقلا عن مكة

arrow up