رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

القذافي.. السحر الذي انقلب على الساحر !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لم تكن محاولة اغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2003م، -الملك 2005- إلا رأس الجليد لمؤامرة كبرى ضد المملكة تشعبت وامتدت من نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدوحة مروراً بلندن وطهران وأنقرة.
مرت العلاقات السعودية الليبية بمراحل عديدة من الشد والشك وعدم الانسجام، بين دولتين تحمل كل منهما عقيدة مختلفة، فالسعوديون ملكيون ذوو نظام إسلامي محافظ، والقذافي علماني اشتراكي قومي ثوري مناهض لأي نظام حكم تقليدي.
استمرت العلاقة السعودية الليبية أكثر ميلاً للتوتر منها للعلاقة الحسنة بسبب القذافي نفسه فقد أيد العقيد كل التنظيمات الفلسطينية المتطرفة التي استهدفت الرياض، ومولها ودعمها في كل جرائمها من خطف الوزراء في جنيف إلى اغتيال سفرائها، وبقي يأخذ موقفاً دعائياً سيئاً ضد المملكة، حتى جاء منتصف الثمانينات الميلادية عندما ألقت الأجهزة الأمنية السعودية القبض على ركاب طائرة ليبية قادمين للحج يحملون أسلحة متنوعة، وبحسب التحقيقات التي جرت كشفوا عن أوامر مباشرة من القذافي لإثارة القلاقل والاغتيالات في الموسم المقدس.
استمرت العلاقات بين الدولتين على هذا المنوال، إلا أن حادثة مهمة كشف عنها الأمير بندر بن سلطان -السفير السعودي الأسبق في واشنطن ورئيس المخابرات الأسبق أيضاً-، عن طلب لمعمر القذافي -منتصف التسعينات الميلادية- من السعوديين لإخراجه من مأزق قضية لوكربي الشهيرة التي تسببت في تدمير ليبيا إثر قيام القذافي بتفجير طائرة بركابها في الجو.
بذل السعوديون جهداً هائلاً عبر سلسلة طويلة من جولات التفاوض مع الأوروبيين والأمريكان والمنظمات الأممية، حتى أتموا صفقة لا تتكرر أخرجت ليبيا والقذافي من تحت المقصلة، كان من المفترض أن تعدل هذه الجهود والنجاحات من سلوك معمر القذافي، إلا أن المعروف لم يثمر في العقيد الذي استمر في مؤامراته وخياناته للسعوديين.
اكتشف القذافي أنه لم يكن لوحده من يتآمر على الرياض، فجمع معه في سلة نفاياته القطريين والمنشقين في لندن وقيادات الإخوان من أجل مشروع آخر يهدف هذه المرة إلى اغتيال رأس القيادة السعودية، لعله يؤدي إلى سقوط البلاد في الفوضى كما بشر بذلك المنشق الإرهابي سعد الفقيه.
اختير مكان الاغتيال دون مراعاة لحرمة بيت الله ولا قدسية رمضان ولا الأرواح التي كانت ستزهق، فقد اعتادت القيادة السعودية على قضاء العشرة أيام الأخيرة من رمضان في مكة المكرمة، لمتابعة خدمة الحرمين الشريفين والتشرف بالقرب من الكعبة المشرفة، تضمنت الخطة المعقدة التي حدثت في العام 2003م تهريب صاروخ ونصبه في فندق مقابل القصر الملكي.
اشترك في المؤامرة الخبيثة منشقون سعوديون «سعد الفقيه، محمد المسعري» وضباط مخابرات ليبيون وقطريون، إلا أن أجهزة الاستخبارات والمباحث السعودية اكتشفت المؤامرة مبكراً، وقضت عليها قبل تنفيذها بأيام لكي تقبض على جميع المشاركين بمن فيهم ضباط المخابرات الليبيون الذين وصلوا قبل الموعد مباشرة.
رغم فشل العملية بفضيحة استخباراتية مدوية، إلا أن الليبيين استمروا في محاولاتهم زعزعة الاستقرار السعودي، وهو ما أكدته التسريبات المتتالية بين القذافي وحمد بن خليفة وحمد بن جاسم.
منذ العام 2005 أخذ التآمر منحنى آخر أكثر خطورة، وغير الخونة من طريقتهم بحشد الأعداء خارج الحدود بعدما فشل العمل الداخلي، متقاطعين مع المشروع الإيراني من خلال دعم الحوثيين وتهريب المال والسلاح لهم.
لم يكتف حمد بن خليفة والقذافي بدعم الحوثيين وعلي صالح والقاعدة، بل اندفعوا إلى سيناريو أكثر تعقيداً، تضمن رسم ثورة غير حقيقة في جنوب البلاد، وتخزين أطنان من الأسلحة على طول الحدود السعودية اليمنية والدفع بعشرات الآلاف من المرتزقة يتم جلبهم من أفريقيا واليمن للهجوم على المدن السعودية الحدودية، على أن تقوم الجزيرة بدعاية مزورة عن ثورة تحدث في تلك المدن، مثيرة الرأي العام الداخلي والخارجي، وهو نفس السيناريو الذي طبق في مدينتي بني غازي والبيضاء الليبية فيما بعد لينقلب سحر القذافي عليه ويموت مشروعه معه في نفس البالوعة التي اغتيل فيها 2011، وعلى حمد بن خليفة في 2017 حينما أعلنت الرياض مقاطعتها للدوحة وتدميرها للمشروع القطري في المملكة.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up