رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

هكذا عملياً... نحل مشكلة الإسكان !!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قلت في حديث لقناة (CNBC العربية) التي استضافتني مشكورة للتعليق على تأثيرات مكرمة خادم الحرمين الشريفين الاقتصادية والاجتماعية على حياة المواطنين، بأن مشكلتنا الحقيقية ليست في شح الموارد، وإنما مشكلتنا تتمحور في إدارة هذه الموارد وكيفية توظيفها على النحو الذي يحقق الأهداف المرصودة لها. وبشكل مجمل حاولت أن أوجز، لأن الزمن المتاح في البرنامج الإخباري لا يسمح بالتفصيل، قلت بأن المبالغ التي خصصها المليك (أيده الله) هي الواقع أكثر من كافية لحل هذه المشكلة، إلا أننا لن نلمس آثارها على أرض الواقع ما لم تدر بطريقة واقعية وعملية تحقق المراد منها.
وقد اقترحت في تلك المقابلة الخاطفة بأن يتولى البنك العقاري بالاشتراك مع أي جهة مهمة الإشراف على بناء مجمعات سكنية بمواصفات دقيقة وتكلفة واقعية يتم تمليكها للمواطنين، لأننا لن نحقق الهدف من رصد هذه الموارد المالية الضخمة إذا اكتفينا بإعطائها للمواطن الذي سيغرق في الحيرة ما بين ارتفاع أسعار الأراضي من ناحية، وتكلفة مواد البناء المتصاعدة من ناحية أخرى، وجشع بعض المقاولين الذين يغشون برفع تكلفة البناء والتلاعب في المواصفات، ليتبخر ما تبقى من المبلغ في تغطية احتياجات المواطن والتزاماته الأسرية، ويتبخر بالتالي أي أثر يدل على الموارد المخصصة لحل مشكلة الإسكان على أرض الواقع، عدا ما هو مسجل على الورق كأرقام في ميزانية الدولة.
لقد تبنت الحكومة الرشيدة عدة سياسات لزيادة ملكية المساكن، وربما كانت أهمها تقديم قروض إسكانية خالية من الفوائد، عبر صندوق التنمية العقارية الذي تأسس عام 1974، لكن رأس مال الصندوق في انخفاض شديد منذ أواسط عقد الثمانينات من القرن الميلادي الماضي، ونشأ من ذلك تناقض مستمر في الأموال المتاحة للإقراض سنويا مما فرض على طالبي التمويل الانتظار سنين طويلة، وصلت في بعض الحالات إلى قرابة 20 عاما للحصول على قرض الصندوق، وتزيد المشكلة حدة مع ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء، خاصة السنوات الأخيرة، دون زيادة حجم القرض الذي بقي كما هو منذ إنشاء الصندوق، تدهور قدرات الصندوق تشكل ربما أكبر مشكلة تمويلية في سوق الإسكان الحالية. مما يحول دون تحقيق أهداف خطط التنمية عن الإسكان، حيث نصت خطة التنمية الثامنة (1425ــ1430 الموافق 2005ــ2009) على هدف رئيس بالنسبة لقطاع الإسكان ويتمثل في زيادة ملكية المواطنين للمساكن إلى نحو 80 في المائة من السكان عام 1440، مقارنة بنسبة تدور حول 50 في المائة، وقت إعداد الخطة، بينما الأوضاع تسير في اتجاه معاكس. وتقدر العديد من الأوساط نسبة الإسكان بأقل من (50%) حاليا، ونحن في عام 2016ما اقترحه لمعالجة وردم هذه الفجوة، طالما قد ضخ في محفظة هذا القطاع ما يتجاوز الـ(40 مليار ريال)، هو أن نعمل على دمج صناديق الإقراض على النحو الذي اقترحته قبل أكثر من عشرة أعوام، ذلك أن دمج هذه البنوك في بنك واحد سيوفر مئات الملايين التي تصرف كمرتبات للقوى العاملة بهذه البنوك الخمسة، كما أنه يوفر مبالغ طائلة تصرف على المباني المستأجرة والمملوكة لهذه البنوك مما يضع بين يدي بنك «الإقراض» المقترح أصولا هائلة يمكن أن توظف بطريقة أفيد وعلى مشاريع أجدى، كما أن الدمج أيضا يوفر عددا كبيرا من السيارات والكهرباء والمياه والآلات والأدوات المكتبية وبنود الصرف الأخرى. إن آلية تنفيذ هذا الاقتراح بسيطة للغاية، وتنحصر في التالي: بعد أن تدمج هذه البنوك في بنك واحد، ستتوحد كل سيولتها وأصولها ومنقولاتها وتؤول إلى هذا البنك، والذي بالتالي سيركز القوى الاقتصادية التي كانت مشتتة على خمسة بنوك بين يديه، وسيكون بنك واحد بقوة خمسة بنوك (ويمكن الرجوع إلى تفاصيل الاقتراح في كتابنا مغامرة التنمية والتحديث كما أن لدى معالي وزير المالية نسخة من الاقتراح).

arrow up