رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

لماذا لم تهزم داعش حتى الآن؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

فرق القوة بين داعش وخصومها هائل. داعش مجرد مجموعة من الأشقياء. تسليحهم بدائي وتدريبهم غير منهجي ووعيهم بالواقع متدنٍ.. إلخ بينما خصومهم في دول التحالف يملكون أسلحة فتاكة تصل إلى سبعة عشر ألف رأس نووي في حوزة أميركا وحدها. ويملكون أجهزة مخابرات ومعرفة واسعة بالأرض. أقرب تحليل وأسهل الطرق المؤدية إلى المنطق تبني نظرية المؤامرة. ما يجري يمثل الفوضى الخلاقة لإعادة بناء المنطقة دويلات. لكن ماذا لو بحثنا عن سبب آخر. الحرب بين داعش والحلفاء ليست حرب (هزيمة ونصر) وليست حرباً بالمعنى التقليدي. داعش مليشيا. هذا أقرب ما يمكن أن نصف به هذا التنظيم مع التحفظ الشديد. أعضاء داعش خارج أخلاق الحروب وشرف القتال. لا يوجد في أخلاقهم شيء اسمه فروسية ونبل وعطف. مع اختفاء كامل للقنوات الدبلوماسية التي تتوفر بين الدول المتحاربة. الحوار مع داش صفر. هذا يقود إلى مفهوم التعامل مع مجرمين لا مقاتلين. إذاً المسألة لا تتوقف عند هزيمة داعش في سورية والعراق. المطلوب إزالة داعش كفكرة عدمية قاتلة. التعامل مع داعش كالتعامل مع السرطان. لا يتوقف نظر التحالف الدولي عند الكتلة المحاربة الموجودة على الأرض. الورم الظاهر. ثمة خلايا متشعبة في أكثر من مكان سواء في سورية أو العراق أو على امتداد العالم. حصار الورم ضروري ولكن من خلاله يمكن التعرف على الجذور الخفية. الصراع مع داعش صراع أبطاله رجال المخابرات والمثقفون والإعلاميون والقانونيون. قد تبدو الحرب في الرقة أو في الفلوجة ولكنها في حقيقة الأمر في كل مكان في العالم. ثمة تقييم يجري لكل ما يتعلق بالتطرف الديني الإسلامي. الحرب على النت أكبر من الحرب في ميادين تبادل النار. لا يمكن القضاء على داعش على الأرض حتى وإن كان الأمر متيسراً. وجود داعش تلوح بين النصر والهزيمة يبقى تشعباتها حية على مستوى العالم ويجعلها تظهر. المخابرات تستفيد من وجود داعش حية. كما أن همجيتها تسهم في تكريس طبيعة الصراع لتكييف القضية. المعركة الظاهرة مع عصابات داعش على الأرض ولكننا سنرى في السنوات القادمة الصراع الحقيقي. ستتكشف لنا الحقائق. سنشهد محاكمات كبرى ستذكر المؤرخين بمحاكمات نورمبرغ. سيمثل فيها كل من ارتكب جريمة أو ساعد عليها أو دعا إليها. كل الذين زرعوا الكراهية في نفوس الشباب المسلم. ما يجري اليوم ليست حرباً في الميدان بل في المكاتب وعلى شاشات الكمبيوتر. العمل على تجهيز مئات الألوف من الملفات لكل من شارك في العمليات كما حصل مع النازيين. القضاء على داعش لن يأخذ أسلوب القضاء على القاعدة. مطاردة الناموس حبة حبة. ستكون حرباً شاملة، ثقافية وفكرية وقانونية وأقلها عسكرية. استمرار داعش على الأرض أطول مدة ممكنة مهم جداً للقضاء على داعش. تشجيع القوى الخفية على الظهور. استنطاق المتعاطفين واستدراجهم. حرب معلومات وتصنيفها. وبقدر أهمية مطاردة المقاتلين ثمة مطاردة حساسة للمتعاطفين المتخفين في ثياب دينية. العدد الكبير من رجال الدين الذين يشكلون الوسيط (البريء) بين الإرهاب والدين. القوى التي تهيئ النفوس لقبول فكرة داعش أو التسامح معها أو اعتبارها انتقاماً من جرائم حقيقية أو وهمية جرت في التاريخ. المعركة الحقيقية ليست مع داعش على الأرض، المعركة الحقيقية سنراها قريباً في مكان آخر. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up