رئيس التحرير : مشعل العريفي

هل يمكن القضاء على الإسلاميين الراديكاليين؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد-24ae- مروة هاشم: وصف أندرو بيك، المستشار السابق لقائد القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو في أفغانستان، مقتل 49 شخصاً في هجوم أورلاندو يوم الأحد الماضي بأنه لا سابق له من حيث عدد الضحايا، ولكنه لفت إلى أن السيناريو الذي أعقب الهجوم كان مألوفا للغاية: مجرد تبادل التعازي وإطلاق دعوات للتسامح. ويرى بيك، في مقال تحليلي، نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، أن التساؤل الرئيسي عما يجب أن تفعله الولايات المتحدة إزاء ذلك، سرعان ما تحول، كما يحدث دائماً، إلى قضية مثيرة للجدل يستغلها السياسيون لمصلحتهم الخاصة، بيد أن هذا التساؤل في حد ذاته يُعد جزءاً من لغز أكبر وهو "كيف ينتهي الإرهاب الإسلامي؟".
ويوضح كاتب المقال أن ظاهرة الإرهاب الإسلامي ليست ثابتة؛ إذ لم يكن هناك وجود للتهديد الإسلامي السني العنيف قبل عام 1979، ولكن الثورة الإيرانية والجهاد الأفغاني باتا رمزاً للقوة المحتملة للإسلام السياسي، وبدأت الراديكالية تترسخ في المجتمعات الإسلامية من خلال إغداق الأموال على الجمعيات الخيرية والمدارس والمؤسسات الدينية. وفي غضون أعوام قليلة، بعد حرب الخليج، وُلد تنظيم القاعدة، ومع غياب الحرية وجدت انتقادات الإسلاميين أرضاً خصبة في الشرق الأوسط وظهر المتشددون.
يقول الكاتب: "في جميع الأحوال، لن تجلب هزيمة داعش سوى هدنة مؤقتة؛ إذ إنه قبل عقد من الزمن كان الراديكاليون السنة يتعهدون بالولاء لتنظيم القاعدة، وبعد عقد من الآن من المحتمل أن يفعلوا الشيء نفسه مع خليفة داعش. إن نشأة التنظيمات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش، تكمن في ظاهرة أوسع تتمثل في معايير الراديكالية السنية في الشرق الأوسط التي تعيق التعاون العملي في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب مع حلفاء الولايات المتحدة".
ويدلل الكاتب على ذلك بعدم قدرة السياسيين في باكستان على إلقاء القبض على قادة الجماعات الراديكالية مثل "جماعة الدعوة" خوفاً من رد فعل الرأي العام، وصعوبة منع حصول الجماعات الراديكالية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط على ملايين الدولارات بسبب تسرب المعايير الراديكالية إلى شعوب المنطقة.
ويؤكد الكاتب على أن ثمة ارتباطاً بين قيام عمر متين، منفذ هجوم أورلاندو، بإطلاق النار داخل نادي للمثليين والقوانين المدنية غير الليبرالية في الشرق الأوسط؛ بما في ذلك حظر الإلحاد والمثلية الجنسية. فعلى سبيل المثال ثمة ارتباط بين تلك القوانين ودعم باكستان للتشدد الإسلامي.
مهمة ليست سهلة ويقترح كاتب المقال معالجة السياسة الخارجية للولايات المتحدة مثل هذه المعايير في سبيل القضاء على "الإرهاب الإسلامي السني"، حتى مع أن ذلك ربما يبدو بعيداً عن مصالحها الأساسية. وعلى الرغم من صعوبة تغيير تلك المعايير فإن على الولايات المتحدة الإصرار على ذلك؛ حيث أن إقرار حرية العبادة على سبيل المثال من شأنه أن يخفض تأثير الأصوات الطائفية في نهاية المطاف. وبمرور الوقت سوف يفضي تغيير المعايير الاجتماعية الأساسية، على الأرجح، إلى تقليل عدد الراديكاليين الإسلاميين. وبحسب الكاتب، فإن هذه المهمة ليست سهلة على الإطلاق.
دعم إيران للإرهاب الإسلامي وبرأي الكاتب، فإن الشيعة الإيرانيين، إلى جانب إسرائيل، هم الأكثر تأييداً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ حيث أن الحكومة الإسلامية جعلت من نفسها فقيرة ولا تحظى بشعبية مواطنيها. كما يؤكد أيضاً على دعم إيران للإرهاب الإسلامي؛ إذ إنها قامت بذلك بصورة مباشرة؛ بغية دعم تحقيق أهداف جيوسياسية فورية، وكان الحرس الثوري فاعلاً في تعبئة المجتمعات الشيعية في أماكن مثل لبنان، ولكن نظراً لأن هذا العمل كان تحت الإدارة المباشرة من دولة، نجحت إيران في الحفاظ على إحكام قبضتها على أفعال وتطورات وكلائها، وفي الوقت نفسه كانت هناك تداعيات لهذا النهج المباشر، فعندما تعثرت إيران، سواء اقتصاديا أو عسكريا، يُلقى اللوم على سياساتها الخارجية أو الداخلية.
عصر الإرهاب ومن سوء الحظ، كما يختتم الكاتب، أنه لا يوجد حل نوعي لإرهاب الراديكالية الإسلامية وليس هناك سبيل للقضاء على مصادره بشكل قاطع؛ إذ أنه بعد مرور 35 عاماً على نشأة الراديكالية الإسلامية المعاصرة، بات العديد من معتقداتها ذات جذور عميقة، ولكن يبقى الأمل الوحيد في أن الأعمال الوحشية التي يمارسها الإرهابيون سوف تخلق الكثير من الأعداء، مما سيقود إلى استنزافهم ونهاية عصر الإرهاب في نهاية المطاف، وسوف ينحسر الراديكاليون ويصلون إلى النقطة إلى وصل إليها الشيوعيون والفاشيون الآن؛ إذ باتوا أصواتاً فقدت مصداقيتها. وفي غضون ذلك يجب على الولايات المتحدة أن تحمي نفسها وتظل يقظة.

arrow up