رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

رسالة الملك عبد العزيز.. للرئيس أوباما!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قبل أسابيع قليلة من انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، يغادر الشرق الأوسط، في طريق عودته لبلاده، بعد هزيمة الحلفاء لألمانيا النازية. لم يشأ المغادرة قبل أن يلتقي زعيما جديدا برز كقائد وإصلاحي مهيب، كان بلا شك الملك عبدالعزيز آل سعود، الذي وحد بلدا شاسعا هي «المملكة العربية السعودية». التقى روزفلت الملك عبدالعزيز على ظهر السفينة الحربية «كوينسي» في البحيرات المرة بقناة السويس في مصر العام 1945، كان لقاء اللحظة الأولى، سمته الإعجاب والانبهار بالملك القادم من أعماق الصحراء، لكنه طموح جدا لاقتحام العالم الجديد وبناء دولته الحديثة. اللقاء أسس لمبدأ الملك عبدالعزيز وروزفلت، الذي امتدت آثاره الممتازة بين البلدين لأكثر من سبعين عاما، لم تخدمهما فقط، بل شملت نتائجها السلم والاقتصاد في العالم. لم يكن ذلك الاتصال السياسي الأول بين السعودية وأمريكا، فقد لاحظ الملك «السياسي الداهية» عبدالعزيز، أن دولة عظمى تتشكل في رحم السياسة العالمية، فأرسل أبناءه الأميرين «الشابين»، فيصل وخالد العام 1943، في أول زيارة يقوم بها وفد سعودي رفيع إلى أمريكا، لاكتشاف القوة العالمية الجديدة عن قرب. في لقاء البحيرات الكبرى مع روزفلت كان لكاريزما الملك عبدالعزيز وبراعته السياسية وقعها الهائل في وجدان السياسة الأمريكية، علاقات لم يعكرها إلا قليل من الأحداث العابرة. اليوم وبعد سبعين عاما من لقاء الزعيمين التاريخيين، وتأسيسهما لمبدأ «عبدالعزيز وروزفلت»، يجتمع الحفيد الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، في ظروف مشابهة تقريبا، وكأنه يحمل رسالة الملك المؤسس عبدالعزيز، للرئيس أوباما، تشترط نفس المبادئ السياسية والأمنية والاقتصادية، التي تعهدها مع روزفلت. ستؤكد الرسالة على المبادئ التي شكلت العلاقات طوال سبعين عاما، كانت فيها السعودية الحليف الأول لأمريكا، هو بلا شك حلف يتقاطع مع المصالح السعودية ولا يقامر بها، أدت فيه المملكة من جانبها كل استحقاقاته، حافظت على إمدادات آمنة ومستمرة من إنتاجها البترولي، حافظت على اقتصاد العالم، دعمت الأمن والسلم وبالأخص في الشرق الأوسط، ولم تغادر إلى ضفاف وحلفاء جدد، كما فعل الكثير. كانت تقف كجسر للسلام بين العالم الإسلامي والعربي، وأمريكا، بل البوابة التي يطرقها كل أصحاب الخلافات مع الولايات المتحدة، تتوسط في حلها، وتصل بهم إلى تفاهمات، بدءا من مصر السادات إلى العراق سورية ليبيا فلسطين ولبنان... إلخ، فضلا عن جنوب الفلبين وأفغانستان والبوسنة والهرسك. بقيت المملكة وسيطا منحازا لقضايا أمتها، محافظة في الوقت نفسه على مصالح حلفائها، وهي براعة سياسية من الصعب على أمريكا فقدها، أو تعويضها. بلا شك أن الملفات الشائكة التي تحيط بالعلاقات بين السعودية وأمريكا، في النظرة للشرق الأوسط، وتعديل تموضع التحالفات الأمريكية في الهلال الممتد من طهران بملفها النووي وتغولها في العواصم العربية، مرورا بسورية ومصر وليبيا وصولا إلى المغرب، وقضية الصحراء، ليست سهلة أبدا، لكنها ليست عصية للدرجة التي تؤدي بها للقطيعة أو الانهيار، إذا استجابت واشنطن لحكمة الحفيد ويده الممتدة من حكمة ويد الملك المؤسس. الأدوات التي يملكها الأمير محمد بن سلمان، وبرنامجه الاقتصادي والعسكري الطموح، تقدم فرصة جديدة مغرية للتحالف والتشارك، وهي تبني على ما قدمه المؤسسون لذلك التحالف من ملوك ورؤساء. في ظني أن الأمير محمد الذي التقى خلال زيارته التاريخية بـ «مخازن» صنع السياسة والأمن والاقتصاد في الكونغرس والبنتاغون والشركات الكبرى، قادر بلا شك على إبقاء العلاقات السعودية الأمريكية في «قلب» التحالف التاريخي، بل وتطويرها لأفق آخر يدعم التحالف، ويحترم الاستقلال في السياسة. نقلا عن عكاظ

arrow up