رئيس التحرير : مشعل العريفي
 كوثر الأربش
كوثر الأربش

أنف الداعشية «إيمان البغا» حُجة!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا يحتاج الإنسان السليم (بيولوجيًا وسيكولوجيًا) لأكثر من نوافذه الخمسة ليدرك حدوث فعل فيزيائي ما، والتأكد منه أيضًا. (الشم واللمس والنظر والسمع والتذوق) هي حبل الصلة بينه وبين الحقيقي والمزيف. حين تنبعث رائحة دخان في المنزل، أو تصدر جلبة بعيدة، أو يخطف من أمامنا طيف سريع في الظلام، فإن حواسنا تلك هي الفرصة الوحيدة للتأكد من حقيقة هذه الأشياء، وحقيقة حدوثها. الجانب الروحي من الإنسان تختلف منهجية استدلالاته، الطمأنينة، التسليم، النقل من مصدر موثوق. لو أن أحدًا تحدث عن رؤيته للجن مثلاً، لن يجد دليلاً حسيًا لذلك، إنما سيرتكز على الثقة، نحن غالبًا، وفي هذه الحالات، نصدق الموثوقين لدينا. داعية، كاتب، معلّم، قريب، صديق أو قناة ما.. كل هؤلاء قد يكونون أحد الذين نثق بهم. بعض الموثوقين، وبكل أسف استغلوا «عدم الاستدلال» لتوجيه من يثقون بهم، للتحريض أو المنع، أو التشجيع على الإقدام. قلة من سيطلبون دليلاً من الوالد على إحدى حكايات طفولته التي يشاركها معهم؟ قلة من سيطلبون دليلاً من كاتب يثقون به على حدث معين يقول أنه حدث له شخصيّا؟ قلة من سيطلبون دليلاً من الداعشية «إيمان البغا» حين قالت إنها شمت رائحة المسك في دماء إبنها «أبو الحسن الدمشقي» بعد مقتله في إحدى المواجهات القتالية في الشام. من سيسألها عن دليل ممن يثقون بها حين قالت: «أتى أميره في المعركة وقص قصة مقتله نظرت إلى وجه أبي الحسن وهو ساكت يئن قليلا فشممت رائحة عطر غريب فظننت أن عطرا في جيبه انسكب مددت يدي وأخرجت ما في جيبه فإذا بها أوراق ابتلت بدمه ولما رفعتها فاحت منها رائحة المسك وإذ بالرائحة تفوح من دمه الغزير وتعم المكان». لأنه لا يمكن الاستدلال على الرائحة إلا من خلال الشم، فلا أحد ممن يثقون بها سيطلب دليلا. أنف الداعشية إيمان وحده حجة! وبالطبع الأمر أبعد من مجرد رائحة، إن الدماء حين تبعث رائحة المسك فإنها دلالة قوية على صلاح الطريق وسلامة الجهاد! إنهم يلجأون لما لا يمكن اثباته لأنهم لا يمتلكون الدليل الصامد أمام المنطق والحواس وأيضاً أمام النصوص الدينية.. رائحة المسك تكفي. ابتسامة القتلى تكفي! انهم يتشبثون بأي شيء، لأنهم لا يجدون شيئاً! لننظر من حولنا، من هؤلاء الذين سلمناهم حواسنا ليشعروا بدلاً عنا، ثم صدقناهم دونما دليل؟ هل يمكن أن يكذبوا علينا؟ هل نقلل من احترامنا لعقولنا في حال صدقنا دون دليل؟ ماهو الأكثر حرجاً: أن تشكك في نقل شخص تثق به، أو أن تطلب منه الدليل؟ عقلك أم قيمته لديك؟ فكر.. وتأمل نقلا عن الجزيرة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up