رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

التطبيل للمبتعثين

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تقرأ بين فترة وأخرى أن مبتعثا سعوديا اخترع جهازا أو قدم حلا طبيا أو أسهم في مشروع في البلاد التي يدرس فيها. شيء رائع ويثلج الصدر كما يقولون. هذا يخفف من غلواء من بقلبه كراهة للعلوم الحديثة ويشكك في الدراسة في الخارج ويؤكد للجميع أن من يذهب هناك ليسوا كلهم طلاب متعة ويثبت ان بلاد الغرب يجي منها خير وليست مجرد مرتعا للآي فون وصناعة المكيفات وانتاج احدث الأدوية والنساء المتفسخات وغيرها مما يبعثون به إلينا من موبقات. وبعيدا عن المزاح علينا من باب الأمانة أن نعرف أن الذي اخترع واكتشف هذه الأعمال المنسوبة إلى سعوديين هو الغرب نفسه. أبناؤنا بشر. إذا اعطيتهم العلم الصحيح ووضعتهم في البيئة الصحيحة ولمسوا التشجيع الكافي في إطار متكامل من حرية التفكير فسوف ينتجون ما ينتجه أبناء الغرب. اثبت قادة العالم (الغرب وشرق آسيا) أن معوقات الماضي المتمثلة في (العرق والدين) لا علاقة لهما بالعلم. تمسكك بمبادئك امر يخصك. المختبر لا يريد منك سوى عقلك واحترام المبادئ والحقائق العلمية. العلم يشتغل على الطبيعة والطبيعة لا علاقة لها بالإنسان. لا تشغلها أحلام الإنسان وآماله وأوجاعه وبؤسه ولا مستقبله ولا إيماناته. الشمس تسير وحدها وفقا لقانون صارم. ليس للمبادئ الإنسانية عليها سلطة. ستدور في مدارها سواء اتفق سيرها مع ما تقوله لك مبادئك أو اختلف. البستها الشعوب المختلفة عبر التاريخ لبوس البشر. جعلوا منها صديقا وشيطان وإلة. حتى جاء علماء الغرب وأقروا بالأمر البدهي بأن الشمس هي الشمس وليست أي شيء آخر. أخطر صراع يخوضه الإنسان هو صراعه مع أوهامه. تستطيع أي دولة في العالم أن تركب أفضل الأجهزة والمختبرات ولكن السؤال يبقى (كيف حال الشمس والطبيعة في ثقافتك وبيئتك ومبادئك). إذا ادخلت أوهامك معك إلى المختبر فلن تخرج منه إلا بأوهامك وتعاستك والسعادة المزيفة التي ترفل فيها المجتمعات البسيطة. لم يتفوق طلبتنا في الغرب لأنهم عباقرة ولكن لأن المختبرات الغربية وفية للعلم. لا تسمح لك أن تصحب معك عند دخولها سوى عقلك وقناعتك (التامة) أن الشمس هي الشمس فقط. اخبار الطلبة السعوديين المتفوقين في الغرب تثلج الصدر كما قلنا قبل قليل ولكنها لن تتعدى مرحلة الإثلاج. القضية ليست إنسانا تعلم فقط. بل تتعداها إلى قيم المختبرات التي سوف يعملون فيها إذا عادوا. تركيب مختبر لاكتشاف دواء او جهاز تسبقه مراحل كثيرة. تبدأ باعترافك بأن الشمس بريئة من سعادة الإنسان وتعاساته. المختبرات ليست مجرد غرف للأبحاث. هي قيم أولا وأخيرا. قبل أن تؤثثها بالأجهزة والمواد تؤثث بالمفاهيم وحرية التفكير العلمي وصرامته. إذا عاد طلبة العلم إلى بلادهم فأمامهم طريقان أما أن ينضموا إلى قافلة العلم العالمي وننافس بهم الشرق والغرب أو أن يلتحقوا بفريق عبدالمجيد الزنداني وزغلول النجار. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up