رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد آل الشيخ
محمد آل الشيخ

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

اللحظة التاريخية الهامة في علاقات المملكة مع أمريكا، كانت حينما التقى المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مع الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت» على ظهر بارجة أمريكية في البحيرات المرة في السويس عام 1945م، حينها أدرك المؤسس العظيم أن المستقبل يكمن في التحالف الاستراتيجي مع هذه القوة العالمية العظمى، ومن ذلك الوقت استمرت العلاقات السعودية الأمريكية، على أسس من المصالح المشتركة بين البلدين، وكأي علاقات بين دولتين مرت هذه العلاقات بفترات شهدت مدا وجزرا، وخلافات أفضت ربما إلى توترات، لكنها كانت بشكل عام علاقات استراتيجية متينة ورصينة ومتجذرة، ويتوارثها الخلف عن السلف. زيارة الأمير محمد بن سلمان، وفي هذا الوقت بالذات، أعطت لهذه العلاقات أبعادا وحيوية كانت في أحوج الحاجة إليها، بعد أن شهدت بعض الفتور بسبب التقارب الإيراني الأمريكي، وتجاوزهم عن انتهاكات حرسها الثوري لسيادة بعض الدول العربية ودعمهم للحركات الإرهابية في المملكة ودول الخليج. وكان لا بد لمثل هذه التباينات في المواقف بين المملكة وأمريكا في هذه الشؤون بالذات أن تلقي بظلالها السلبي على تلك العلاقات؛ وأنا على يقين أن مثل هذه التحركات الدبلوماسية النشطة لهذه البعثة السياسية، ستعيد كثيرا من الأمور المختلف عليها إلى المسار الطبيعي؛ خاصة وأن هذا الأمير الشاب كما عرف عنه، وكما هي سلوكياته الدبلوماسية وعشقه للشفّافية، مقدام جريء، وغير متردد، ويواجه المشاكل، ولا يترك الباب مواربا للتغيرات الظرفية، الأمر الذي جعله يحظى بهذه الثقة الكبيرة لدى والده؛ ومن يعرف الملك سلمان عن قرب، يعرف أنه لا يقتنع بالأشخاص، إلا إذا وجد أن من يوليه ثقته هو أهل لها؛ ومن يتابع نشاط وحيوية هذا الأمير الشاب، وقدرته على التصدي للمشاكل السياسية، لا يملك إلا أن يقول بالفعل هذا الشبل من ذاك الأسد. الوفد الذي كان في معية سموه، كان شاملا كل المجالات السياسية والتجارية والاستثمارية والصحية والثقافية، الأمر الذي يعطي هذه الزيارة بعدا استراتيجيا تعاونيا بامتياز، ما يجعل وجهات النظر بين الدولتين تنصهر في بعدها الاستراتيجي، خاصة وأنها جاءت في أعقاب مشروعه التنموي الكبير (الرؤية- 2020-2030)، وما تضمنته هذه الرؤية من برامج وطنية، ستنفذ تباعا؛ وهذه الرؤية الطموحة تعتمد اعتمادا محوريا على التنمية الاقتصادية، وتذليل كل العقبات التي من شأنها أن تعيق أهدافها التنموية الطموحة؛ ولن أضيف جديدا عندما أقول: إن أي تنمية اقتصادية لا يمكن أن تحقق نجاحا فعليا ما لم تمر بأمريكا، شاء من شاء وأبى من أبى، فالاقتصاد الأمريكي يمثل اليوم من حيث الحجم ثلث اقتصاديات دول العالم مجتمعة، كما أن كل الاكتشافات والاختراعات في أي مجال كان، لا يمكن أن يكون لها وجود حقيقي على الأرض ما لم يدعمها الدولار. لقد بعث هذا الأمير الشاب في كل المجالات التنموية في بلادنا، حيوية ونشاطا، وجعل آمالنا تتفاءل بغد مشرق، تكون فيه المملكة مواكبة فعليا لحجمها الجيوستراتيجي والسياسي والاقتصادي والثقافي؛ إنها آمال كبار تحتاج إلى شاب طموح، ومقدام، ليخطو بها نحو المستقبل. ومن لقاء المؤسس مع «روزفلت» قبل 70عاما، حتى لحظة لقاء حفيده مع «أوباما»، يصر التاريخ على أن يعيد نفسه. نقلا عن الجزيرة

arrow up