رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

صديقي مدير الفندق!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يحكي صديقي مدير الفندق كيف أن مغامرة صغيرة أقدم عليها في سن المراهقة، حملته ليكون اليوم واحدا من أهم مديري الفنادق في المنطقة، يقول: عندما بلغت السادسة عشرة من العمر، بحثت عن عائلة أوروبية تستضيف مراهقا للعمل لديها والإقامة والتعلم خلال فترة الصيف، كما هي عادة كثير من العائلات المغربية متوسطة الحال. يكمل صديقنا.. بعد بحث مضن وفقت في الحصول على موافقة عائلة إيطالية، قبلت استضافتي في منزلها، على أن تقدم لي المنامة ووجبتين يوميا، وراتبا محدودا، مقابل الخدمة في متجرها. ذهبت لإيطاليا في فترات الصيف، لثلاثة أعوام متتالية، حتى تخرجت من الثانوية العامة، كنت قد ادخرت خلالها كل المبالغ التي استحققتها مقابل عملي في إيطاليا، الأمر الذي ساعدني في بدء تعليمي الجامعي. اكتسبت لغة أخرى وبمهارة عالية، استفدت خبرة عملية ممتازة، وصقلت الغربة شخصيتي نتيجة العمل والاختلاط بعالم وثقافة جديدة. أكملت تعليمي الجامعي، وبقيت أعمل داخل إيطاليا لعامين آخرين، التحقت خلالها بوظيفة متواضعة، في نفس الشركة التي تدير الفندق الذي أعمل فيه اليوم. تنقلت بعدها في وظائف فندقية عديدة، في بلدي المغرب، وجنوب أفريقيا ومصر والسعودية والكويت والإمارات، حتى وصلت إلى مدير فندق بعد رحلة شاقة، لكنها مثمرة في النهاية. يغضب كثير من السعوديين إذا وصفهم أحد ما بالكسل أو الدلال، وللرد على ذلك الانتقاد الذي يخرج بين فترة وأخرى، يبدؤون في البحث داخل أرشيف غوغل، عن صورة لشاب يبيع البطيخ، أو آخر يحرج على التمور في سوق بريدة. للأسف القضية أكبر من خبر مثير يلحقه جدل، أو إعجاب نادر بشاب أو فتاة اقتحموا العمل، وكونوا مشاريعهم أو لنقل مساراتهم الخاصة في الحياة. فحتى أولئك الذين مارسوا في فترات قصيرة من حياتهم البيع، أو الخدمة في وظائف متواضعة، تبقى ضمن مبادرات ضعيفة للوصول في نهاية الأمر لوظيفة عسكرية، أو مدنية حكومية صغيرة، يعيشون بعدها في كبد الحاجة، وضيق الحال لعشرات السنين. يتناسى السعوديون أن الكثير من أجدادهم وربما آبائهم، ارتحلوا للبصرة والزبير وبغداد ودمشق وفلسطين والقاهرة ودلهي، بحثا عن لقمة العيش، نتيجة العدم الذي واجهوه وواجهته أسرهم وأطفالهم قبل عقود ليست بعيدة. هاجروا صغارا فقراء، لم يهابوا الغربة، وساروا على أقدامهم الحافية، بثيابهم رقيقة الحال، رافقوا القوافل في رحلات مضنية، وفي الغربة تعلموا واحتكوا وبرعوا، وعاد الكثير منهم تجارا أثرياء، وكثير من أصحاب الأعمال والأموال اليوم، هم من ورثة أولئك المغامرين الأوائل، الذين علموا أن الحياة مجازفة وغربة ومغامرة. نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up