رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

هل عاد أردوغان إلى الواقع

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كان الرئيس التركي أردوغان يحلم بأن يبني سوقا إسلامية مشتركة كالسوق الاوروبية التي انتهت إلى الوحدة الأوروبية. مشكلته الوحيدة أن كمية الحلم في مشروعه أكبر من الواقع بنسبة لا تسمح إلا بالفشل. أول الظنون الخاطئة ظنه أن حزب الاخوان المسلمين سوف يسود منطقة الربيع العربي. مصر تونس سورية اليمن وربما ليبيا. وطالما أن المسألة حلم في حلم ظن أيضا أن نفوذ الحكومات الاخوانية سيمتد إلى الدول التي لم يطلها الربيع العربي. مراهنا على أن الإخوان الذين يرعاهم زرعوا حضورهم بقوة في العالم الإسلامي. ثالث الظنون الحالمة أن بلاده ستبقى اللاعب الوحيد أو الأقوى في الأزمة السورية بحكم الحدود المفتوحة والطويلة بين البلدين. في خضم اندفاعه لتحقيق هذه الأحلام نسي أهم مشكلة تنخر بلاده، وهم الاكراد الذين لهم أهداف يقبلها المجتمع الدولي وسيجد من يساندهم في تحقيقها إما بدعاوى أخلاقية أو انتهازية. هذه هي نقطة الضعف التي تجاهلها أردوغان في حمى معارك الأحلام الوردية. من أغرب الأعمال التي اقترفها أردوغان إسقاط الطائرة الروسية أو عدم المسارعة بالاعتذار والتعويض. جيش روسيا هو عظمة روسيا الوحيد. لا تملك روسيا ما يضعها في مصاف الدول العظمى سوى هذا الجيش الجبار. اسقاط الطائرة الروسية عمل متهور مس كرامة الشعب الروسي فاستغله بوتين ليرمي بثقل روسيا في البحر الأبيض المتوسط ويكرس وجوده الاستراتيجي على الأراضي السورية. (التفافا على التهديد الذي تتعرض له بلاده على البحر الأسود). وبقدر ما هلّل معجبو أردوغان لهذه البطولة الزائفة كانت الأمور تتقرر على الأرض بصورة مقوضة للأحلام. وجد الاميركان ضالتهم في المليشيات الكردية لتحارب نيابة عنهم بحماية مجانية من الطيران الروسي. كان يتوجب على الاتراك قصف تجمعات الأكراد على الأراضي السورية قبل أن تتشكل كقوة لكن الانتقام الروسي كان لطائراتهم بالمرصاد، فحصل الاميركان على ما يريدون دون الاصطدام بالحليف التركي. لم تعد تركيا تجد على الأرض السورية سوى التركمان الذين سعت موسكو إلى تدمير قواهم انتقاما لطيارها المغدور. فتحولت انشغالات الاتراك في سورية من تطوير الحلم الكبير والزعامة إلى البحث عن السلامة. أصبح الامر جليا امامهم. اقتسام اميركي - روسي للواقع السوري. الأول يستخدم الأكراد لكسب الأراضي، والآخر يستخدم جيش بشار لنفس السبب. السؤال الآن: هل الاعتذار التركي لروسيا جاء في وقته أم جاء متأخرا؟ يمكن القول انه جاء متأخرا وجاء في وقته في نفس الوقت. الكعكة السورية انتهى أمرها. خرجوا منها صفر اليدين. لم يبق امام الأتراك إلا البحث الجاد عن السلامة. استمرار تجاهل القوة الروسية سيؤدي إلى نقل ما يجري في سورية إلى تركيا نفسها. ثلث شعب الجمهورية التركية اكراد ونسبة كبيرة من باقي الشعب ليسوا من الجنس التركي وثمة طوائف دينية أهمها الطائفة العلوية المتاخمة للحدود السورية. ( لا علاقة لها بالعلويين في سورية دينيا أو عرقيا). جزء كبير من الحدود السورية - التركية تحت سيطرة روسيا. من يعلم ان يأتي يوم وتعكس روسيا عملية تدفق الإرهابيين. تجربة عبدالله اوجلان لم تصبح تاريخا بعد. من هنا يمكن القول إن قرار الاعتذار جاء في وقته. الحكمة حكمة حتى وإن وصلت متأخرة. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up