رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

ما وراء الإرهاب وهذه الحروب المجنونة !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حتى الشيطان الذي ركب رأس ونفسيه صدام حسين وابنيه ومعاونيه لا يستطيع الدفاع عن الجرائم التي ارتكبوها في حق أبناء العراق. ولا يستطيع الشيطان نفسه الذي ركب رأس ونفسية جورج دبليو بوش والعصابة الصهيونية التي تحيط به، أن يدافع عن مبررات حملته العسكرية لتخليص الشعب العراقي المنكوب من تسلط صدام وعصابته العائلية. حسابات خاطئة ومميته ******************* العالم بأجمعه بات أمام العراق وفلسطين واجه خياراتاً جديدة، ودعونا من دعاوى الإرهاب فهذه قصة أو دخان أطلقت للتغطية على القضايا. فالإرهاب ببساطة –ورغم عدم إمكانية ومعقولية واستحالة تبريره- انما هو في خلاصته رد فعل منحرف لأسباب واقعية وموضوعية. وإلا فليخبرني من هو أعلم، ما الذي يدفع شاباً في مقتبل العمر، يتمتع بالذكاء الذي يجعله يتحايل ويموّه، وبقوة الإرادة التي تجعله يسير إلى الموت بعد دقائق فيضبط أعصابه ويسيطر وهو –مفخخ الجسد والسيارة- ليجتاز كل نقاط التفتيش الأمنية، بدلاً من يتمتع بشبابه ويحقق طموحاته مثل أي إنسان في هذا العالم؟!. إلا يدعو هذا للتساؤل؟! إلا يستحق وقفة مع أنفسنا ؟!. ندع هذا ألان ونعود إلى قلب الحدث. الشيطان الذي ركب رأس صدام حسين جعله يدخل في مغامرات عسكرية كلفت شعبه وأمته ثمناً باهضاً. فبعد ثورة الخميني "الإسلامية" واهتراء نسيج الدولة الشاههنشاهيه المؤقت، خاض حرباً ضد إيران، منقلباً على اتفاق الجزائر الذي وقعه هو، وفق حسابات كانت خاطئة ومميته، مراهناً بأنها ستكون حرباً خاطفة، على غرار حرب إسرائيل على الدول العربية في عام 1967م. وبدلاً من ست أيام استطالت حربه ثماني سنوات. وبما أن الحروب من أعلى نشاطات الأفراد والمجتمعات والدول تكلفه، فقد استعان صدام حينها بالدول العربية الخليجية وغير الخليجية، بل وبأمريكا نفسها لتغطية تكاليف وتبعات واستحقاقات حربة المجنونة تلك، في حين أن إيران/ الخميني – وعلى عكس- إيران الشاه، كانت قد أعلنت انحيازها التام للقضايا العربية وجعلت من السفارة الإسرائيلية مقراً لمنظمة التحرير الفلسيطينية. أو ليس هذا هو الجنون المطبق؟!. وما أن هدأت الأنفاس قليلاً، حتى اجتاحت آلته العسكرية أقرب دولة إليه، وقفت معه وساندته في حربه المجنونة تلك، وادخل العالم كله في محنة، حين جعل من دولة حرة، عضو معترف به في العالم مجرد مقاطعة أو محافظة في دولته. وهذه سابقة لم تفعلها أعتى الإمبراطوريات في العالم، إن تجرد دولة كاملة وشعب من هويته وتجعله جزءً منك، هذا يتنافى حتى مع منطق "الاستعمار" الكلاسيكي. ولكنه الجنون. النسر الأمريكي متربصاً ******************** كانت سانحة تلك للنسر الأمريكي الذي يحلم بالسيطرة على العالم، لينقض على هذا العراق الذي يمثل صيداً اقتصادياً وسياسياً ثميناً تحت مظلة قانونية شرعية دولية وهي تحرير الكويت، وهذا هدف مشروع. وهكذا تألف التحالف الدولي تحت مظلة هذا الهدف المشروع. حيث استطاعت بالفعل أمريكا أن تحقق نصف الهدف، فأمريكا ليست أكثر حرصاً من الكويتيون ولا العرب على أنفسهم. لقد أكملت نصف المهمة حين حررت الكويت ودكت الآلة العسكرية العراقية، ودمرت بنيات العراق التحتية، واحكم الحصار الاقتصادي عليه بشدة، والتحكم في نفطه لتسديد فاتورة مغامرته المجنونة تلك، إلا أن المأساة الحقيقية كانت هي أن الشعب العراقي برمته كان هو الذي يسدد هذه الفاتورة، بينما المسؤول الأول وابنيه ومعاونيه، كانوا يتمتعون بكل مالهم من نفوذ وسلطات وأموال، بينما يستشري الجوع والمرض بين أطفال العراق. أي جنون هذا؟!. ************* وبعد أن احتل بوش الابن المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وضع على رأس أولويات مهامه الخارجية استئناف مهمة أبيه، ولكنه هذا المرة متسلحاً بإيمان ديني صارم لا يحتمل المزايدات السياسية والمنطق الدبلوماسي المرن، كانت مهمته المقدسة هي إزاحة صدام حسين ونظامه، وقد تجاوبت هذه المهمة المقدسة مع أهداف من كانوا –ولا يزالون- يحيطون به من فريق عمل، له هو أيضاً برامجه. إذن، كان لابد من إيجاد غطاء قانوني شرعي دولي –أو أمريكي- لشن الحرب على العراق وتحقيق هذا الهدف. لم يكن الغطاء بعيداً، فالعراق يملك أسلحة دمار شامل، وهو لم يخف هذا الأمر، بل إن إسرائيل كما يعرف العالم اجمع قد قصفت من قبل مفاعلاً نووياً له، وقصة علماء الذرة العرب الذين وظفهم نظام صدام حسين والذين تداول العالم قصة اغتيالهم مثل الدكتور المشد معروفة للجميع. وبما أن العالم والدول المجاورة في المنطقة لم تعد تأمن على استقرارها في ظل وجود هذا النظام الذي اعتاد الخروج على الشرعية الدولية وخرق قوانينها بمنطق الغاب الذي يبيح له احتلال دولة مجاورة وجعلها محافظة في دولته اذن فلابد من إعلان الحرب على هذا النظام واستبداله بنظام آخر يعطي الحرية لمواطنيه ويلتزم بالقوانين الدولية لتستقر المنطقة والجيران. إذن فلتعلن الحرب طالما كان هذا هو غطاؤها الشرعي والقانوني الدولي. وأعلنت الحرب، ليدخل العالم بعدها في دوامة من الأكاذيب الأخرى. الإرهاب يتجسد رجلاً ****************** كان الهدف المعلن هو إزالة أسلحة الدمار الشامل من العراق لأنها تشكل تهديداً لامن الولايات المتحدة، وهذا يعني ضمنياً تهديداً للأمن العالمي، أو لأمن العالم بأسرة، بشتى الطرق نجحت الحرب، وأعلن ذلك بوش لجنوده، وللعالم الذي يصطف خلقه في ذلك. ولكن أين هي أسلحة الدمار الشامل؟!. كان العالم كله يتساءل ولماذا لم يستعملها صدام حسين طالما هي بحوزته؟!. لم يعثر احد ما علي شيء يدل على وجود هذا الغول. وحوَّل بوش أنظار العالم إلى هدف آخر وهو صدام حسين نفسه، وبالفعل انشغل العالم بهذا الهدف. ولكن أحدا لم يسأل نفسه: كيف يكون هدف إمبراطورية عظمى استطاعت أن، تجتاح بلداً وتقوض دولة وتسرح كل جيشها ومؤسساتها.. رجل واحد لم يعد يملك شيئاً؟!. تسألني لماذا؟. ********** فأجيبك: لأن العالم لم يسأل نفسه من قبل كيف أن أمريكا –وبالتحالف الدولي أيضاً- جعلت أو جسدت الإرهاب في رجل مطارد واحد، هو: أسامه بن لادن، بعد أن احتلت أفغانستان كلها. وكأن القضاء على هذا الرجل يعني القضاء على ظاهرة الإرهاب العالمي!. مرة أخرى: أليس هذا هو الجنون بعينه؟!. لقد قضت القوات الامريكية والقوات المتحالفة معها شهوراً من البحث عن صدام حسين عبر المداهمات الليلية/ النهارية من بيت لبيت وفي كل المدن العراقية، دون أن تعثر على ما يدل لا وجود أسلحة دمار شامل أو غير شامل، أو عن صدام حسين الذي أصبح هو الهدف الوحيد المطلوب القبض عليه. وحينما ثارت ثائرة المعارضون لحرب العراق بالغرب، وبدأت الصحف بالتساؤل حول مشروعية الحرب، خاصة في الدول الحليفة التي لم تكن هذه الحرب تعنيها كثيراً مثل أسبانيا وبريطانيا طرحت أمامهم ذريعة أخرى، وهي أن هدف هذه الحرب كان حماية حقوق المواطن العراقي الذي مارس عليه نظام صدام حسين أبشع الجرائم وانتهاك الكرامة والقتل والتعذيب. تلك كانت الذرائع المتسلسلة، فأين المفارقة؟. المفارقات تتلخص في الآتي: ********************** أولاً: أعلن بوش أن الحرب قد انتهت باحتلال العراق فاتضح للجميع انها بدأت بعد احتلال العراق واعتقال صدام حسين. ثانياً: أعلن الحرب وجر وراءه الحلفاء تحت مظلة قانونية دولية بزعم أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، فاتضح للعالم كله أن العراق لم يكن يملك أسلحة دمار شامل ولا يحزنون. ثالثاً: قال بعدها أنه أتى ليخلع صدام ونظامه بسبب ممارساتهم الوحشية وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان فانكشف زيف هذا الادعاء بعد الأفلام والصور التي أثبتت أن قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية ذهبت ابعد من نظام صدام حسين في هذا الصدد. رابعاً: احتلت أمريكا العراق بذريعة اجتثاث النظام ورموزه تحقيقاً للديمقراطية، ولكنها وبعد أن تصاعدت ضربات المقاومة العراقية الموجعة لقواتها في الفالوجة أعادت تعيين اللواء محمد جاسم صالح المحمدي القائد السابق بالحرس الجمهوري قائداً للواء الفالوجة لضبط الوضع في المدينة المتمردة، والذي ستكون كتيبته نواة للجيش العراقي الجديد كما أعلن المسؤولون الأمريكان.. " فكأنك يا أبو زيد ما غزوت ولا ذهب إلى الغزو"!. فماذا تبقى من مبرارات هذه الحرب؟!. ولكن ... ما المصير **************** لقد خاض صدام حسين أربعه حروب كلفت العراق والمنطقة ثمناً باهظاً على كل الأصعدة والمستويات، ضد إيران والكويت والعالم بأسره. وخاض آل بوش أربعه حروب أيضاً ضد العراق وأفغانستان والعالم بأسره- والأخيرة تمت تحت لافتة محاربة الإرهاب وهي حرب ليس لها حدود ولا هدف واضح محدد. ذهب صدام حسين إلى مزبلة التاريخ بعد ضبطه في حفرة العنكبوت بتلك الهيئة المزرية المهينة، والتي لا يمكن لأقوى الناس تفاؤلاً أن يتصوره بعدها رئيساً لدولة بحجم وتاريخ العراق ووزنه في المنطقة. الم يقل الله سبحانه وتعالى في محكم كتابة، إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت؟ وهو يعني بذلك بأن بنية العلاقة بين الذكر/ الأب والأنثى/ألام، هي من أوهن العلاقات، وإلا فانه هندسياً بناءً متمسكاً بصورة عبقرية لا مثيل لها؟!. فتبارك الله أحسن الخالقين .

arrow up