رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشاري الذايدي
مشاري الذايدي

داعش.. أكبر من إيران

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

جزء من إطالة أمد المشكلة الثقافية في مواجهة الخطاب الإرهابي٬ هو علة الخطاب المضاد. أعني أن يكون الخطاب المضاد للإرهاب معلولا٬ حينما يكون فهمك للمرض خاطئا٬ فتصورك وجهدك للحل٬ سيكون كذلك بالضرورة. بداية مسلسل الإرهاب الديني ­ السياسي٬ ليست مؤقتة من «قاعدة» بن لادن أو «جهاد» الظواهري أو جماعة جهيمان٬ هي أقدم من ذلك٬ أعني في العصر الحديث٬فهي «ماركة مسجلة» لجماعة الإخوان بعهد مؤسسها حسن البنا٬ وما قصة «النظام الخاص» الذي أسسه٬ سرا٬ حسن البنا٬ عّنا ببعيد.
كانت التفسيرات التي تقدم حينها٬ أو أغلبها٬ تقوم على أن الإنجليز هم من يدير جماعة الإخوان٬ نكاية بالملك «الوطني» فاروق٬ تارة٬ ونكاية بضباط يوليو تارة أخرى.وأحيانا يقال٬ حينها٬ إن الجماعة تدار من أعداء مصر العرب. قليل من توقف عند جوهر علة الوجود و«التمدد» الإخواني السريع وقت حسن البنا المقتول ٬1949 وهو «الفكر» والثقافة الموجدة لمثل هذه الجاذبية الإخوانية.
هل يعني هذا نفي الاستخدام الإنجليزي٬ حينها٬ لجماعة البنا٬ بشكل أثبتته الوثائق؟ طبعا لا. ولكنه يعني أن العون الإنجليزي ليس هو «علة» وجود وتمدد الجماعة٬ بل من أسباب ذلك٬ وهو سبب رافد ومساعد٬ لكنه ليس الموجد والمنشئ. قل نفس الشيء الآن عن «داعش»٬ وقبلها القاعدة٬ هل إيران «الخمينية» غير منتفعة من نشاط القاعدة وإيران؟ من يقول ذلك يغالط الوقائع أيضا٬ فمساعدات الحرس الثوري٬ و«حزب الله» عبر مصطفى بدر الدين٬ وقبله عماد مغنية لأسامة بن لادن٬ ثم ليوسف العييري٬ أول قائد للقاعدة في السعودية٬ يعرفها من يعرفها. شبهات إعانة الأجهزة الخمينية السوداء٬ ومثلها أجهزة بشار الأسد لـ«داعش»٬ ترقى لما يشبه الحقيقة.
أهم من ذلك السؤال: من هو الطرف الأكثر تضررا٬ ماديا ومعنويا٬ من جرائم «داعش» و«القاعدة»٬ بسوريا والعراق واليمن٬ وكل العالم؟ هل هو إيران وأذيالها٬ أم العرب السنة بوجه خاص٬ والسعودية بتحديد أكثر؟ الجواب واضح.غير أنه ومع كل هذه الاعتبارات «الأكيدة»٬ لا يجوز أن نترك معركة المعارك٬ معركة الوجود والبقاء الحقيقي٬ وهي المواجهة الشجاعة لآخر حصن وفكرة٬ مع الخطاب الراديكالي الأعمى٬ الدموي التكفيري الذي اعتمده أمثال «القاعدة» وفرعها «جبهة النصرة»٬ و«داعش»٬ وهو خطاب معلومة أفكاره٬ معلوم أبطاله٬ كتبهم٬ محاضراتهم٬ كلماتهم٬ حملاتهم٬ تحريضهم٬ وبعضهم قد يزايد عليك في الصراخ والحماسة «الجوفاء» الخطابية ضد جرائم «داعش»٬ ولكن الحصاد: لا شيء. ما لم يتم الاشتباك «الحقيقي» مع خطاب: الحاكمية٬ الجاهلية٬ الخلافة٬ فمحكوم علينا بالدوران في نفس الحلقة المفرغة. نقلا الشرق الأوسط

arrow up