رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

هل دخلت تركيا "مزاد" الدم السوري ؟!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لماذا يبدو الملف السوري على هذا النحو المريع من الغموض والتعقيد؟، فمطالب الشعب السوري وفقا لأي معايير سياسية أو أخلاقية، ووفقا للقوانين الدولية أيضا في غاية الوضوح، ومطالبته بإزالة النظام الحزبي الديكتاتوري القمعي، ومطالبه بحقه للتمتع بالحرية والكرامة والعدالة هي مطالب شرعية، وقد سبقته في العالم كله، شرقا وغربا، شعوب ثارت من أجل هذه الحقوق الإنسانية واستطاعت أن تنال حقها، والثورات التي انتصرت في دول الربيع العربي أقرب أمثلة على ذلك، ورغم هذا لم تتلكأ الدول الكبرى ولا المنظمة الدولية سواء في الهيئة العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن عن تأييد حق هذه الشعوب في تقرير مصيرها وتحقيق إرادتها.. فما الجديد إذن في ثورة الشعب العربي السوري الشقيق؟.
يجمع المحللون على أن انتفاضة الشعب السوري قبل أكثر من أربع سنوات لم تكن بتحريض من أي قوى خارجية حتى يقال إنها قامت لتحقيق أهداف قوى خارجية، كما أنها لم تكن مدعومة لا بالمال ولا بالسلاح من أي طرف داخلي أو خارجي، وإنما قامت لأسباب داخلية تخص الشعب السوري وحده، وقامت واستمرت لأكثر من عام سلمية، سلاحها الوحيد هو هتافات الحناجر وشعارات يكتبونها على الأقمشة والحيطان، وطيلة هذا العام كانت أسلحة النظام البعثي تعمل فيهم قتلا وتدميرا للمنازل والمساجد والمستشفيات بوحشية لم يشهد لها العالم مثيلا، وعندما تحركت ضمائر بعض أفراد من أجهزة جيش النظام الأمنية وآلت على نفسها حماية أبناء الشعب الأعزل تدخل السلاح للدفاع عن المدنيين من الأطفال والنساء والرجال.
ولكي يحافظ النظام على توازنه الأخلاقي أمام العالم، قام بسلسلة من التفجيرات ليشيع للعالم بأن هناك أيادي أجنبية تتآمر على الشعب السوري، وبالشعب هو يعني نظامه، ثم أشاع بأن دولا بعينها هي التي تقوم بتسليح المنظمات الإجرامية، ثم أمعن في الهروب إلى الأمام، ليعلن للعالم بأن تنظيم القاعدة هو الذي يشعل الحرب، وهي الفزاعة نفسها التي رفعها، لسخرية الأقدار من قبل، القذافي وعلي صالح ومبارك وابن علي.
تستطيع روسيا كحليف للنظام السوري أن تتبنى هذه المزاعم "محاربة الإرهاب الداعشي " كورقة توت تغطي بها سوأتها الأخلاقية كشريك في هذه المذابح، ولكن أن يصدق الغرب هذه المزاعم ويتخذها كمبرر وذريعة لتخاذله عن اتخاذ موقف حاسم لوقفها فهو أمر يدعو للشك والريبة.. لكن من الواضح أن دم الشعب السوري ومطالبه وحقوقه دخلت «مزاد» المصالح والأطماع والصراعات الدولية والإقليمية، ما بين روسيا والصين وبين الكتلة الأطلسية من ناحية، وما بين تركيا وإيران إقليميا من ناحية أخرى، مع لاعبين صغار في المنطقة من دول الجوار لهم مصالحهم أيضا مثل إسرائيل وحزب الله في «مزاد» الدم السوري الشقيق، الذي يكاد يهدر عبثا وتهدر حقوقه المشروعة في الحرية والكرامة والعدل، إلا أن الشعب السوري الشجاع يظل وحده هو الذي يملك الكلمة الأخيرة والفاصلة في هذه الضجة.

arrow up