رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

بعد أن انجلى غبار الإنقلاب...هل نشهد مشهد عربي إسلامي جديد !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بعد أن انجلى غبار الإنقلاب العسكري في تركيا و قراءة ما وراء الرغبة والتوقيت ، لمحاولة الإنقلاب في تركيا تكشف عن مخطط كبير وخطير جداً، يحتاج إلى قراءة استراتيجية تستجيليه للتصدي له، ففي هذه المرحلة السياسية الدقيقة في حياة العرب والمسلمين، على المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية العمل على وضع خريطة تخرج بها الأمة من هذه المتاهة، التي تضافرت عدة عوامل محلية وأجنبية خارجية لإدخالنا فيها.
والمملكة العربية السعودية بما بذلته، وتبذله، خاصة في الشهور القليلة الماضية من جهد لجمع الفرقاء ورأب الصدع بين الإخوة، هي «البيت» العربي المؤهل الوحيد، لرسم خارطة طريق ، واضحة وصريحة وشجاعة لمعالجة الأوضاع العربية والإسلامية كافة، ووضع الحلول الملائمة والقاطعة لها، عبر رؤية استراتيجية موحدة يتفق عليها، وعلى تنفيذها بقوة وصدق.
وأظنه قد بات واضحا، أن ما يهدد أمن الأمة العربية ومستقبلها ليس انفجار الوضع الخطير في سوريا التي تنذر بتمزيقه إربا، ولا في تعنت العدو الصهيوني ورفضه العنيد للسلام، ولا في المناوشات المميتة في الصومال شرقا، بل ولا في نذر الفتنة الشيعية ــ السنية التي أطلت برأسها القبيح بين إيران والدول العربية المختلفة، لأن كل ما ذكرناه من مظاهر الفتنة والاقتتال إنما هو انعكاسات سطحية لانشقاقات أعمق تنخر كيان الجسد العربي والإسلامي، تعمل القوى الخارجية المعادية على استغلالها وتعميقها واللعب على تناقضاتها، بما يؤدي في النهاية إلى تمزيق وتجزئة وتشرذم هذا الجسد من داخله.
لا يكتفي ــ مثل كل مرة ــ بالاقتصار على وصف مهدئات شفوية وشعاراتية فضفاضة فلا فاعلية واقعية حقيقية وعملية لعلاج أي مشكلة. هذه الخريطة التي بدأت تبدو ملامحها من خلال لقاء القمة التاريخي "سلمان أردوغان " في الرياض (ا الثلاثاء ٢٩ ديسمبر٢٠١٥ ) بداية منهج جديد في أدبيات العمل السياسي الإسلامي العربي المشترك، كان القادة العرب والمسلمون يجتمعون في قممهم وهم تحت ضغط إلحاح مشكلة طارئة معينة، تختلف رؤاهم باختلاف مناهجهم السياسية، منهم من يلامس القضايا ملامسة أيديولوجية صارخة فينادي بمواقف جدية لا يتعدى تأثيرها السطح الغريزي للجماهير ومنهم من ينادي بإعمال العقل ويقترح تفعيل الآليات السياسية كافة وإدارة الصراع بحكمة وحنكة وفق الحقائق الواقعية على الأرض.
وفي الواقع فإن الاختلاف كان في جوهره اختلاف عقليتين إحداهما تكتيكية عاطفية آنية، وأخرى استراتيجية عقلانية مستقبلية تعمل على المدى البعيد. وحين تفرض الأولى رؤيتها على القمم العربية والإسلامية، لم تكن السعودية تعمل على إجهاض ما أجمع عليه، رغم قناعتها بأنه لا ينسجم مع رؤيتها ومنهجها، بل تلتزم بما يفرضه الإجماع من التزامات عليها.. لا تخرج على الإجماع، ولا تحاول فرض رؤيتها على أشقائها.. تناصحهم بالحسنى وتخاطبهم بلغة العقل بكل رفق. كانت، وظلت منذ تأسيسها تراهن على العقل والواقعية والشفافية في معالجة القضايا العربية والإسلامية، فلم تتاجر وتزايد على شعار تعرف هي قبل غيرها لا واقعيته وعدم جدواه، أو استحالة تحقيقه.. ولم تناد أو تشجع أو تؤيد الدخول في «مغامرات» لا محسوبة من أجل تحقيقه، فالسياسة هي فن «الممكن» ولا مجال فيها للمعجزات.
وواقع حال الدول والشعوب العربية والإسلامية اليوم وما آلت إليه، يؤكد صحة وسلامة وجدوى المنهج السعودي القائم على الواقعية والعقلانية. والواضح أن تحقيق هذا القدر اللازم من التضامن العربي الإسلامي الداخلي لمواجهة مخططات الآخر "إيران " و،من شايعها ــ العدو، يحتاج إلى الصدق والتجرد والشجاعة الأخلاقية والتضحية بالمكاسب الذاتية على حساب الأوطان واستقرارها وأمنها، ويحتاج إلى قدر كبير من المسؤولية، وطرح الرؤى والأفكار والنوايا بشفافية على طاولة الحوار المكشوف. بين القيادة السعودية والتركية ،ووضع خطة عمل سياسية عربية إسلامية موحدة في مواجهة ما يطرحه الآخر من تحديات وما يصلح أساسا لعمل عربي إسلامي نهضوي شامل بالضرورة. وأن يوظف «التضامن السعودي التركي» العربي الإسلامي اصطفافا حول متضامنة في مواقفها، منفردة ومجتمعة حولها.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up