رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

السير بـ«الشقلوب» الحضاري !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كل الدول والمجتمعات تحتفي أيما احتفاء بمولد مبدع حقيقي أعلنت مواهبه عن نفسها منذ الصغر، ولعلنا لاننسى أن القبائل العربية ما قبل الإسلام كانت تقيم الاحتفالات الصاخبة حين يولد فيها شاعر، لأن الشاعر في ذاك الحين كان هو لسان القبيلة. والآن، ومع تطور الحياة أصبح العلماء والمفكرون والعباقرة في كل المجالات هم مرايا الأمم، وهم واجهاتها التي تعكس تقدمهما، وهم لسان الحال الذي يتحدث عن مدى رقيهم، ويقاس بهم كما ونوعا أفق مستقبلها. لا أجد مقارنة ــ ولا أحبذها ــ بين حظ لاعب الكرة من المجد والشهرة والمال وبين حظ الموهوبين في العلوم عندنا، فهذه مشكلة عالمية اختصت بها العصور الحديثة في تاريخ الجنس البشري، لأن كل الحضارات السابقة، وحتى هذه الحضارة الغربية إلى عهد قريب كانت تمنح المجد لعظمائها في السياسة والعلوم والفكر وترفعهم أعلى مقاماتها وتفاخر بهم، وكان طلاب العلم يشدون الرحال في الحضارة الإسلامية ويتكبدون مشاق السفر ومخاطره لسنين سعيا وراء عالم سمعوا به في أقاصي أمصار الإمبراطورية الإسلامية. والآن صار نجوم الغناء وعارضات الأزياء ولاعبو الكرة هم الأبطال والنماذج العليا التي يقتدي بها الرجال والنساء صغيرهم وكبيرهم، وصارت أجهزة الإعلام بمختلف أنواعها تتابع مراحل حمل نجمة سينمائية ــ من غير زوجها ــ ساعة بساعة حتى لحظة خروج المولود النجم وتتسابق الصحف والقنوات التلفزيونية لتحظى بسبق الصورة الأولى للمولود المسكين الذي لم يفق بعد من صدمة خروجه من ظلام الرحم، ليدخل في صدمة الفلاشات القوية الإضاءة. هذا يحدث كل يوم، ولكن ما علينا، طالما نحن مازلنا في أولى سلالم هذا الجنون العالمي، ولم تتجاوز خطواتنا مرحلة تسجيل لاعبين أجانب ومواطنين بملايين الريالات، وبسقف طموح لايتجاوز «أقوى دوري عربي» تجمدنا فيه إدمانا.. نعم ماعلينا مما يحدث من جنون في العالم، وإن كانت كل المؤشرات تؤكد أننا لن نتوقف في محطة الجنون الكروي الذي يغطي على كل ما عداه، إذ إننا نسير وبخطى حثيثة في طريق «العولمة» وإن «بالشقلوب» لأن من ساروا فيه قبلنا ركزوا على التقدم في مجالات الصناعة والاقتصاد والعلم والتمدن والتحديث، وبعدما شبعوا حضارة اتجهوا إلى اللعب والترفيه، بينما بدأنا نحن بالعكس، ولا أدري هل سيقودنا هذا الطريق من اللعب إلى التقدم؟. أم أن المسار سيظل وفيا لقانونه الذي يقود من اللعب إلى الانحلال ؟.

arrow up