رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

تعيين الأميرة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا يمكن النظر إلى قرار تعيين الأميرة ريمة بنت بندر بن سلطان من زاوية واحدة أو أفق محدد. لعله يرقى إلى مفهوم القرارات التاريخية التي اتخذت في المملكة. أن تكون امرأة في ثاني أعلى منصب في إدارة رياضية كانت على الدوام حكراً على الرجال قرار سيعلو صفحات التاريخ.
الرياضة في لا شعورنا الجمعي ترسخت كظاهرة ذكورية لا يحق للمرأة الاقتراب منها. تغيب عنها الأنثى على المستويات كافة بما فيها مستوى المتعة والتفرج. لم يجز النظام للفتيات حضور المسابقات الرياضية أياً كانت أعمارهن. أن تقفز امرأة إلى أعلى الهرم وتصبح قائدة في تجمع ذكوري سيبدو عند أصحاب الأفق الضيق مخالفا للطبيعة. لكن من قرأ التاريخ الذي عاشته المملكة تحت قيادة الملك سلمان سيجد مدى الانسجام وسيتحسس المستقبل الذي يأخذ هذا الملك العظيم بلاده إليه.
عطاء الملك سلمان للمرأة السعودية لا يريد أن يتوقف عند حقوقها الأولية التي تستحقها بحكم الطبيعة. إرضاء أبسط متطلبات حياتها بل دفعها للمشاركة في أقصى ما كنا نظن أنه حكراً على الذكور. قفزة ثقافية لا يمكن تخيلها قبل سنتين من الآن. ستحرق كل ما دونها من حاجات مازالت المرأة تتوسلها لتمضي في مسيرة المجد الإنساني الذي يسير فيها شقيقها الرجل. هذا التعيين سوف يضطرنا جميعا لا لتغيير هيكلة الوضع الإداري بل إلى تغيير أسلوب نظرنا إلى العلاقات الاجتماعية. اختراق لأصلب المحميات الذكورية.
لو تأملنا في تاريخ المنصب الذي تقلدته سمو الأميرة ريمة بنت بندر سنرى أنه تخلق في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، التي هي الآن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. تعيين الأميرة ريمة في هذا المنصب بوصفها امرأة سيعود بهيئة الرياضة إلى دورها العميق المتصل بالتنمية الاجتماعية ككل. فالرياضة ليست نشاطا هدفه في النهاية إقامة المسابقات وتحقيق الجوائز والالتحام مع العالم ورفع اسم البلاد والتعريف بالمملكة والانخراط في المناسبات العالمية تأكيدا على دعم المملكة للأخوة الإنسانية. على نبل هذا الاتجاه واتفاقه مع روح الثقافة السعودية الإسلامية إلا أن للرياضة دورا اجتماعيا تنمويا كبيرا. عند تتبع جذور الهيئة الرياضية سنرى أنها تعود إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي هي الآن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. تضخمت الحركة الرياضية في المملكة وكبرت فانسلخت عن وزارتها الأصلية لكنها مع الأسف خرجت أيضا عن دورها الاجتماعي وراحت تحقق كثيرا من أهدافها مع عدم العناية بهدفها الاستراتيجي المتعلق بالتنمية.
تعديل مسمى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية سيعيد التنمية الاجتماعية إلى الواجهة فيفترض أن يتناغم هذا مع هيئة الرياضة.
الشطر الأخير (التنمية الاجتماعية) وثيق الصلة بهيئة الرياضة. هو في الواقع تنمية الأسرة..
تأنيث منصب وكيل أو نائب الوزير في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في مسألة التنمية الاجتماعية أصبح ضرورة. منصب كهذا سيكون ثقيلاً على الرجل. التنمية الاجتماعية تبدأ من البيت ومن الأسرة النووية. في ظل عادات المملكة الاجتماعية القائمة على الفصل بين الجنسين يفترض أن تسند وكالة أو نيابة التنمية الاجتماعية إلى امرأة لا إلى رجل.
ليس من الصعب اختيار امرأة لهذا المنصب الحساس والتنموي الكبير. بلادنا تزخر بعدد كبير من السيدات اللاتي يمكن أن يملأنه. إذا كان ثمة امرأة يمكن أن تحقق أهداف هذا المنصب الكبير والحساس حسب وجهة نظري فلن يكون أفضل من الأميرة حصة بنت سلمان. فهي جديرة بوصفها امرأة تحمل أعلى الشهادات العلمية ولها أبحاث هامة وذات بعد إنساني رفيع في نفس الاتجاه. كما أنها أستاذة جامعية تحاضر في جامعة كبيرة وقدر الله أن تكون قد ترعرعت في بيت قائد البلاد وهذا امتياز سياسي وقيادي لا يمكن لأي امرأة أن تحصل عليه. نقلا عن الرياض

arrow up