رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

تهادوا تحابوا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا شك أنني أقبل وأسعد بالهدية٬ وتزداد سعادتي بها أكثر كلما ازداد ثمنها أكثر٬ فلست من محبذي القول السائد: بأن الهدية (رمزية) ­ يعني إيه رمزية؟!٬ فإما أن تكون لها معنى وقيمة تليق بمهديها٬ وإلا ليس هناك داٍع للمفاجأة غير السارة٬ خصوًصا إذا كانت ملفوفة وموضوعة بعلبة مغلفة وأنيقة٬ وعندما تسارع بفتحها وأنت تتراقص من شدة الفرحة٬ ثم تصدم عندما تجدها (طفيسة)٬ لو عرضتها للبيع فلن تجد من يشتريها. الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال: (تهادوا تحابوا)٬ وهذا هو ما شوقني إلى الهدايا وجعلني أتهافت عليها. وجاء في الأمثال: (إذا قدمت من سفر فاهِد أهلك ولو حجًرا)٬ وهذا هو ما أفعله بالضبط كلما قدمت على أهلي من السفر٬ لدرجة أن منزلي أصبح ممتلًئا بالحجارة. وعلى ذكر الهدايا فقد لبيت دعوة عرس٬ وهي صادرة من رجل كريم٬ مّن الله عليه بالمال الوفير٬ وقد أقيم العرس في بلد خارجي قريب٬ ومن حسن الحظ أن الدعوة محفولة مكفولة٬ من تذاكر الطائرة إلى السكن في فندق خمسة نجوم٬ إلى سيارة تحت الطلب٬ إلى حفلة باذخة لها شّنة ورّنة٬ استمرت إلى ساعة متأخرة من الليل. وفي اليوم الثاني ­ وهو المهم ­ دعينا بشكل انتقائي للغداء مع صاحب الدعوة٬ وكان عددنا لا يزيد على عشرة٬ وبعد الغداء بدأ توزيع الهدايا٬ وصعقت عندما قدم لي صاحب الدعوة (قلم) حبر٬ وهو يقول: إن هذا يليق بك٬ وأرجو أن تتذكرني عندما تكتب مقالاتك به٬ وحز في نفسي وانكسر خاطري جًدا بعد ذلك عندما بدأت ساعات (الرولكس) و(بياجيه) المرصعة بالماسُتهدى للآخرين. أولاً أنا لا أكتب إطلاًقا بقلم الحبر٬ فكل كتاباتي هي بالمرسمة٬ لهذا لن أتذكره٬ ثم لو أن مهنتي كانت جزاًرا٬ فهل سوف يهديني خروًفا مثلاً؟! أو كنت مدرًبا رياضًيا٬ فهل سوف تكون الهدية مجرد كرة؟! عموًما أخذت القلم متحسًرا٬ وما زال أمامي الآن أنظر له شزًرا وهو مرمي على المكتب كالجثة الهامدة. والآن تذكرت (ثريا بنت الأباري) ملكة الفرنجة عندما أهدت (المكتفي باͿ) سنة (273 (هدية هي عبارة عن: خمسين سيًفا٬ وخمسين رمًحا٬ وعشرين ثوًبا منسوًجا بالذهب٬ وعشرين خادًما صقلًيا٬ وعشرين جارية صقلية٬ وعشرة كلاب كبار لا تهاب السباع٬ وستة بازات٬ وسبعة صقور٬ ومضرب حرير متلون بجميع الألوان كلون قوس قزح٬ وثلاثة أطيار من الأطيار الإفرنجية إذا نظرت إلى الطعام أو الشراب المسموم صاحت صياًحا منكًرا ورفرفت بأجنحتها حتى يعلم ذلك٬ وحمارة وحشية عظيمة الخلقة وآذانها تشبه آذان البغل٬ وهي مخططة بالأبيض والأسود تخطيًطا جميلاً ­ انتهى. يا ليتني كنت مجرد حاجب عند تلك (الثريا)٬ أسهر على راحتها٬ وألبي طلباتها ورغباتها. نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up