رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

علماني سعودي.. بمواصفات سرورية!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تصريح الحركي الكويتي ناصر الدويلة حول العلمانيين، وتقسيمه لهم لعدة أنواع، من ضمنهم علماني (جدع)، يعتمد عليه، يشير إلى أن ما لا يستطيع قوله الحركيون السعوديون، يقوله حركيو الكويت بالنيابة عنهم. في الحقيقة، إن الذي فكر لم يكن (الدويلة)، بل الحركيون السعوديون، وكل ما قيل جاء على لسانه فقط، ولذلك لا يمكن لومه، فبعض الحركيين ليسوا إلا موصلات أو نهايات طرفية، تقوم بأداء المهام الموكلة لها فقط. العلماني (الجدع)، حسب المفهوم الحركي السعودي، مصنوع حسب المواصفات والمقاييس السرورية الإخوانية، وهذا (العلموإخوان)، من الممكن أن يمارس علمانيته خارج البلاد العربية، ويكون مدنيا متحضرا، يشارك في الاحتفالات الوطنية للدول الصديقة، ويستمع للموسيقى، ويختلط بالنساء، ويحضر الرقصات الشعبية. مقابل ذلك عليه أن يتبنى المشروع الإخواني، وفي الوقت نفسه إذا وصل البلاد السعودية، أن يلعن العلمانية، ويكفر بالأعياد الوطنية، ويحارب المعازف والاختلاط والمشاريع المدنية. السؤال الأهم.. ماذا يعني تصريح الدويلة حول العلمانية، التي فرمل أمامها في تركيا، وحولها إلى الإمبريالية والصهيونية العالمية. يعني أن التنظيم العالمي للإخوان بكل فروعه، خاصة الفرع السروري الحركي في السعودية، بات مقتنعا بأن تمرير مشاريعه في السعودية، لن يتم إلا من خلال تعاون بين الحركيين وأفراد محسوبين على التيار الوطني السعودي، هذا التيار الذي يصمونه بالعلمانية والليبرالية والتغريبية لأنه رفض مشاريعهم. هذا التعاون المأمول منهم، هو الذي أنجح مشروع الإخوان في تونس، وفي مصر، ولعل البرادعي والمرزوقي، وكل اليساريين والعلمانيين العرب الذين تقدموا مشاريع الثورات، كانوا في الأساس نتاج صفقات بين الإخوان وبين تلك التيارات، كانوا الجسر الذي سار عليه الإخوان بأقدامهم حتى وصلوا للحكم. في مشروعهم (السعودي) الذي بدأ منذ عقود، واستعر خلال ما يسمى بالخريف العربي، لم ينجحوا وتصدى لهم التيار الوطني بقوة، ولم يسمح لهم أن يمتطوه، ولذلك شنعوا عليه وهاجموه بقسوة، في الوقت نفسه استطاعوا، الاستفراد ببعض الشاردين، من مطلقات الصحافة أو الحقوقيين، الذين لكل منهم خصومته الخاصة، ويحاول أن يتكسب من خلال التحالف مع الإخوان. الصفقة تقول: «ما عندنا مانع تكون علمانيا.. بس تنفذ مشروعنا، أو تكون معانا».. اليوم يبدو أن بعض الحقوقيين والليبروإخوان فهموا اللعبة تماما. فكن متعاطفا مع الإخوان، ودافع عن مشاريعهم، أو على الأقل مارس معهم التقية الديموقراطية، التي تقول: دافع عن خديعتهم الكبرى، التي تدعو لحريتهم في الممارسة الديموقراطية دون غيرهم، حتى يتمكنوا، ثم لا تسأل هل طبقوها على خصومهم أم لا. المكاسب التي جناها والتي سيجنيها كل من فهم اللعبة، كبيرة جدا، وللأمانة المكاسب تعم الطرفين، لنأخذ على الأقل طرف (الليبروإخوان) و(العلموإخوان)، ماذا جنوا وماذا سيجنون. سيتم احتضانك من قبل الحركيين ورموزهم، سيتم تعويمك اجتماعيا، وتزكيتك والثناء عليك، بل وتحقيق شعبية هائلة، تلهج صبح مساء باسمك والمديح لمقامك. ثانيا ستجد من المكاسب المالية والعقود ما يغنيك ويوفر عليك المال (الحرام)، فالمحافظ المالية الإخوانية حول العالم تزيد على عشرات المليارات، وكلها مسخرة لخدمة أهداف التنظيم، ولا مانع من بضعة ملايين، تصب في مركز الدراسات التابع لك، أو الأبحاث التي تكلف بها، أو مكافآت مغرية تقدم لك نظير كتاباتك لمقالات في مكينتهم الإعلامية. هذه الأموال قد تأتيك مباشرة، أو من خلال الدول الصديقة والرفيقة، في مشوار «النضال» الإخواني، فالمطبوعات والقنوات، مثل شجر الزقوم، منتشرة في كل ركن قصي من عالم ما بعد الاحتجاجات. الرسائل (العلمانية الإخوانية)، التي تحدث الحركيون الإخوان مؤخرا عنها، ليست جديدة، فقد سبق أن أطلق أحد الكوادر الكبار في التنظيم، الشيخ راشد الغنوشي تصريحا مدويا، أعلن فيه تخلي الفرع التونسي عن المنهج الوعظي الدعوي، والاكتفاء بالنشاط السياسي، واعتناق العلمانية السياسية كمنهج عمل. إننا نمر بأزمة أخلاقية هائلة يسوقها ويسلعها الحركيون، الذين ما يفتؤون في المقابل يقدمون عصا غليظة لأعدائهم، تعد بهدمهم اجتماعيا، وتدمير سمعتهم، وإيذائهم بشكل مستمر، بإطلاق أوصاف العلمانية والصهيونية والتغريبية عليهم، وهي التي تم شيطنتها في الشارع السعودي والعربي. نقلا عن عكاظ

arrow up