رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

لكل شيخ طريقته

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أخبرني أحدهم أنه ذهب يوًما للشيخ العلامة المرحوم (ابن عثيمين)٬ لمراجعته في أمر ما٬ وأثناء الحديث قال له الرجل: (الله يخليك) ­ كنوع من الطلب أو الرجاء ­فأرتج على الشيخ٬ وكأن سلًكا كهربائًيا قد نفضه٬ وحذره من تكرار هذه الكلمة٬ قائلاً له: كيف تقول لي: الله يخليك؟! ولو أن الله سبحانه قد تخلى عني٬ فلمن ألجأ وأطلب العون؟! وكان أحرى بك أن تقول لي: (الله لا يخليك) فهو أوفق وأسلم ­ انتهى.
الحقيقة أنني أعجبت بكياسة الشيخ ابن عثيمين٬ كما أن منطقه دخل مزاجي٬ وتذكرت ذلك على الفور عندما ذهبت للمحكمة في قضية تخصني٬ ووجدتها فرصة لإعطاء القاضي جرعة من النفاق المستحب٬ فقلت له دون مناسبة ومقدمات: قل (آمين) يا شيخ٬ فرد علّي قائلاً: (آمين)٬ دون أن يرفع رأسه من الأوراق التي أمامه.
عندها أطلقت القنبلة قائلاً له: (الله لا يخليك يا شيخ)٬ وفجأة اكفهر وجهه ورفع رأسه٬ وهو يسألني بغضب بلهجته الدارجة قائلاً: (وشو٬ وش تقول؟!)٬ فرددت عليه بابتسامة بريئة: أعني الله لا يخليك. وما إن سمع ترديدي لهذا الدعاء حتى ازداد غضبه٬ وأزاح الأوراق من أمامه قائلاً لي: الحقيقة أنك ما تستحي ­ انتهى.
لا أريد أن أطيل عليكم٬ واختصاًرا للموضوع٬ فقد تعطَلْت قضيتي٬ والسبب أولاً وأخيًرا يعود لفلسفتي٬ وأستأهل كل ما جرى لي٬ وإلا فما لي أنا وما لـ(الله يخليك والله لا يخليك)؟! كان من المفترض أن أخلي نفسي بحالي و(انطم)٬ والآن ما علّي إلا أن أنقش الشوك الذي بجسدي بأصابعي.
وها هو: كل شيء انتهى٬ ولكن هذا لا يمنع من أن يزداد تعجبي كيف أن ذلك الشيخ (حفظه الله) لم يفهم دعائي الصادق له٬ بل إنه أيًضا فهم عكس ما أراد له (ابن عثيمين)٬ ولم يترك لي الفرصة لأن أوضح وأشرح له جملتي التيُبنيت عليها٬ لأنه عاجلني بإشارة يده ناحية الباب٬ وكأنه يقول لي دون أن يتكلم: (من غير مطرود)٬ معتقًدا أنني أهزأ أو (أّتريق) عليه.
وبعيًدا عن كل شيء٬ فالآن تأكد لي فعلاً أن (لكل شيخ طريقته). وأغبى الأغبياء هو الذي لا يتحفظ بكلامه مع المشايخ٬ فأي زلة أو هفوة أو كلمة٬ حتى لو كانت غير مقصودة٬ سوف تهوي به إلى خارج المحكمة. فخذوني عبرة يا أولي الألباب٬ لعلكم تفلحون٬ والحمد على ما أعطى وعلى ما أخذ. نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up