رئيس التحرير : مشعل العريفي
 قينان الغامدي
قينان الغامدي

(تحزموا)

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قلت ذات مقال عن مؤتمر مؤسسة الفكر العربي الذي عقد في القاهرة الشهر الماضي ديسمبر قلت: (والفرصة الجديدة التي دعا –الفيصل– العرب إلى اغتنامها، هي امتداد للفكر "الفيصلي" منذ عقود عندما قال وكرر وفعل "إن بالعلم والإرادة، وبالوعي والإدارة تسمو الأمم وتتقدم". خالد الفيصل ظاهرة فريدة بين المسؤولين المثقفين العرب، وهو يملك مفاتيح نادرة لفتح أبواب التطور والتقدم والنهضة، محلياً وعربياً، وهو في حدود مسؤولياته قال وفعل، وهو سعى ويسعى إلى إيصال صوته ومفاتيحه السحرية إلى كل أذن وعين ويد في خريطة العرب، لكن من يسمع؟ من يعي؟ من ينفذ؟ التاريخ سيقول ذات يوم للأجيال القادمة: "إن الفيصل نفسه كان فرصة تاريخية لوطنه وأمته، لم تستثمر كما يجب!"). تذكرت مقولتي هذه أمس وأنا أقرأ قصيدة خالد الفيصل (تحزموا) المهداة (إلى أهلي في الخليج العربي)، وحين وصلت إلى هذا البيت، (من ضيع الفرصة دهته الهزايم ومن لا يجهز لأخطر أيامها خاب) تحاملت على آلام الظهر ووقفت وصفقت وأنا أصيح وأردد البيت وأقول (الله الله يا خالد)، حتى هرع أهلي فزعين خائفين أن أسقط فيتحملون تكاليف عملية أخرى! سيقول كثيرون هذا النص لم يكتبه الشاعر خالد الفيصل، وستجدهم يتحاورون حول قيمته الفنية ولغته الشعرية، ومقارنته بنصوص كثيرة للشاعر نفسه عاطفية ووطنية ونحو ذلك، وهو ما كانوا يفعلونه مع كل نص جديد للفيصل، وأريد أن أشاركهم قبل أن يبدؤوا هذه المرة، وأقول لهم: هذا نص (المفكر) خالد الفيصل، الفيصل لم يعد شاعرا، نسي الشعر، نسي الفن، لم يعد يتذكر شيئا غير الوطن، ووطن الفيصل هو دول الخليج العربية وعلى رأسها السعودية وبقيادتها وريادتها وعظمتها، ووطنه الأكبر هو الوطن العربي كله، الفيصل نسي الشعر، وعيون المها، وهو الآن يقضي ليله ونهاره متأملا قارئا للسحب، نعم هذه السحب المتراكمة في سماء وطنه، وهو يتأملها منذ زمن بعيد، لكننا كنّا نظنه شاعرا مهموما بكحل ليلى وعنق مها وغضب سعاد ورضى سلمى، ولم نعط تأملاته وقصائده حقها من الفهم، وإلا لكان أدركنا منذ (يا زمان العجايب) ونصوص كثيرة قبلها أنه لا يغازل أنثى، وإنما يفكر لوطن، وأنه مهموم به ليلا ونهارا، وأنه يعرف هذه السحب، ويدرك كيف تتراكم، وماذا ستمطر، وكيف تنقشع، بل وكيف يمكن إن خشينا صواعقها ورعودها أن نتدارك مخاطرها بأقل الأضرار والخسائر!! اقرؤوا وتأملوا النص، (لا تنثرون المال بين الهلايم، استثمروا في عقول قادة وكتاب، وحطوا مراكز بحث للشور دايم، تقودها قدراتنا وبعض الأصحاب، ولا تستهينوا بادعاء الخصايم، ترى الكذب إذا لقي أذن جذاب… إلخ)، أليست هذه الأبيات خطة مستقبلية متكاملة للوصول قفزا إلى صدارة العالم الأول، بل والخروج الآمن من عنق زجاجة المخاطر الآنية المحدقة بالخليج كله!؟ وهل العالم الأول هذا وصل بغير العلم، وبغير علمائه ومفكريه، وبغير احترام الإنسان وتحقيق العدل وسيادة القانون في حياته؟! هذه بديهيات معروفة، والفيصل قالها وكررها منذ (ما أحب أنا المركز الثاني، الأول أموت وأحيا به)، لكننا ظنناه يتحدث عن طموحاته الشخصية لا طموحاته في مستقبل وطن، وكانت النتيجة أنه حتى الآن وهو يرسل النص تلو النص، ونحن نتأمل في شاعريته الفذة، ورهافة حسه، وعمق ثقافته، ولم نفهم أنه يخاطب عقولنا لا قلوبنا ومشاعرنا، والآن وغدا سيظل يرسل النص تلو النص، فهل نمنح رسائله فسحة في عقولنا، وننسى أنه شاعر، وأنه المفكر (خالد الفيصل) المهموم بحاضر الوطن ومستقبله، وأنه يرى ما لا نرى، منذ خمسين سنة!! وأنه خالد الذي يعلمنا بأفعاله وأقواله أن الوطن يحتاج كل أبنائه دائما في الشدة والرخاء، وأنه قال ويقول وسيقول لمن بيده القرار في دول الخليج (تحزموا) بالعلم والشعب والمال، وهو أعظم حزام بعد الإيمان بالله . فتحزموا اليوم تحزموا وليس غدا، الآن تحزموا!!. نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up