رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

(777777 (من سورة (الإخلاص)

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من قراءتي في كتب الرحلات أن أوروبًيا قد أسلم٬ وركب السفينة من (الملايو) قاصًدا الحج٬ ثم نزل مع بعض الحجاج في بلدة (الليث)٬ وكان من ضمنهم رجل مريض٬ كان يقول لهم ويحثهم على قراءة سورة (الإخلاص) ويرددها (777777 (مرة٬ لكي يضمن وصوله إلى مكة سالًما.
المهم أن أخانا بالله الأوروبي حاول أن يقتدي بذلك الرجل في قراءته دون جدوى٬ وسأل رجلاً بدوًيا التحق بهم في الطريق وهم يغذون السير نحو مكة٬ أن يقرأ سورة الإخلاص مثل ذلك الرجل الملاوي٬ فقال له البدوي: إنني لا أعرف ولا أحفظ من القرآن سوى سورة الحمد. فطلبت منه أن يسمعها لي٬ فتلعثم ثم قرأ سافلها عاليها٬ فأسكته قبل أن يتمها٬ ناصًحا إياه أن يكثر من الدعاء وطلب المغفرة٬ لا أكثر ولا أقل.
ويقول: بينما كنا في ضنك شديد من قسوة رياح السموم والحرارة٬ كنت أجد صعوبة قصوى في جلسة مستقيمة على ظهر جملي٬ خصوًصا أن السرج الذي أجلس عليه كان من الخشب القاسي المتهالك٬ مما أحدث (دبرة) في ظهري تشبه دبرة الحمار٬ وأخذت طول الطريق أبلل (كوفيتي) بالماء الآسن لأبرد بها رأسي.
وهالني أن ذلك البدوي الجلف لم يعن له ذلك المناخ السيئ شيًئا٬ بل إنه فوق ذلك أخذ يصدح بين الحين والآخر بأبيات شعر منغمة لا أفقه معناها. فما كان من الرجل (الملاوي) المريض إلا أن نهره وشتمه طالًبا منه أن يردد بعده آيات سورة الإخلاص٬ فأخذ البدوي يضحك قائلاً: أنا ما زلت لم أحفظ سورة الحمد٬ وهو يريدني أن أقرأ سورة الإخلاص؟!
وما إن وصلنا إلى واٍد يقال له (يلملم)٬ حتى رأيت الحاج الملاوي متكوًرا على سنام جمله كأنه كيس من البضاعة٬ لقد مات المسكين وهو يتمتم بسورة الإخلاص قبل أن يصل إلى مكة.
فتوقفنا لنصلي عليه وندفنه٬ وإذا بالبدوي يتجادل مع رجل تركي بكيفية طريقة الدفن٬ وكل واحد منهما لا يعرف لغة الآخر٬ وانتهى النقاش بأن قتل البدوي التركي بكل بساطة وحفرنا بدلاً من القبر قبرين.
وبعد أن انتهينا أخرجت (غليوني) لأملأه بالتبغ وأدخنه٬ وإذا بالبدوي يستشيط غضًبا معتبًرا ذلك حراًما٬ واستل خنجره متجًها نحوي٬ وقبل أن يصل إلّي سحبت مسدسي ووجهته نحوه٬ عندها فقط تراجع ­ (فلا يفل الحديد غير الحديد).
وبعدها وصلنا إلى مكة٬ وبعد عدة أسابيع ذهبنا إلى المدينة٬ وإذا بي أُفاجأ بأن البدوي المشؤوم نفسه التحق بنا في الركب٬ وعندما كنا أمام أسوار المدينة٬ إذا بنا نشاهد رجلاً يسحبونه من ذقنه عقاًبا له لأنه مدخن.
عندها تذكر البدوي الخبيث إهانتي له٬ فاستغلها فرصة والتفت لي مبتسًما وهو يقول: تعطيني وترضيني٬ وإلاّ أقول لهم عن غليونك وتبغك٬ واضطررت صاغًرا أن أعطيه وأرضيه٬ خصوًصا أن لحيتي طولها أكثر من شبر٬ وهي مغرية جًدا للسحب. نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up