رئيس التحرير : مشعل العريفي
 كوثر الأربش
كوثر الأربش

الآلية والإنسانية رجل أمن الحج كأمثولة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لأن الجمال كائن لطيف، فإنهم يصفونه بالأجساد الكثيفة. كي نصل للإدراك.. علّنا نصل! حتى الكلام الجميل نقول عنه «كلام من ذهب» لأن بريق الذهب مُدرك بالعين، غير أن الجمال يلمع في أعماقنا دون أن ندرك له وزنًا، رائحة، أو لوناً. لأن عصر المكننة عزز إنسان الآلة «homo mechanics» كما يسميه إيرك فروم. ولو أن الأجهزة بقيت محصورة في خدمتها للإنسان وتسهيل حياته، لما تحولنا إلى كائنات أقرب للروبوت الآلي منه للحياة. لما أصبحت الآلة والأدوات والسلاح التدميري أهم من القيم الجمالية لما حولنا. ليس فقط ذاك، بل الثورة الاقتصادية، والاحتقان السياسي الملتهب من حولوا حياتنا الإنسانية والاجتماعية لمؤسسة صناعية. الأسباب الآن غير مهمة على أي حال، المهم أننا أصبحنا مستهلكين، مقتنين، «شيئّنا» العاطفة والجمال كليًا. الطبيب يراك مجرد «زبون» ومرضك مزاولة لما تعلمه في كتب الطب وتطبيقاً حرفياً للنظريات التي حفظها في القاعة. رجل الأمن الذي نراه في الأخبار اليومية، لا يفعل شيئاً سوى تسديد الرصاص، ورش الغاز المسيل للدموع، أو الصراخ ودفع الناس للوراء في تجمهر مخالف للقانون، هذا على أقل تقدير. في غمرة هذا الجفاف اليومي، نحن ممتنون لكل من أنعش روح الأشياء، لكل من بث الحياة في الصور العامة التي أرهقت إنسانيتنا. مثل صورة رجل الأمن. ومثلما فعل السعوديون في الحج! هل تهتم معي فيما أقصد؟ حسنا.. لنبدأ من جديد. رجل أمن ببذلته الصارمة، يسقي طفلين مقعدين ماءً.. ويبتسم، آخر يقذف بطفلة في الهواء، تطير وتحط مبتهجة لذراعية، آخر يحمل مُسنًا متعبًا في الطريق المزدحم، آخر يشارك غداءه مع طفلة، أو يساعد مصاباً بالربو، أو آخرون يحملون كرسي امرأة مقعدة لرمي الجمرات. إنها عودة للإنسان يا أصدقاء! إضاءة ملونة في الظلام، نافورة عطاء إنساني يجعل دموعنا تستعيد خفتها!. أكثر من 150 ألف رجل، بل إنساناً حقيقياً، يقدمون عرضًا نحتاجه جميعنا، لنتذكر أننا لسنا مجرد أجهزة، وأن رجل الأمن السعودي، والذي حاول الإعلام المعادي تشويهه، يستحق أن نعلق له صورة في كل جدار، كل مدرسة، كل رصيف. يقول اللواء سعد الخليوي مساعد قائد قوات أمن الحج لإدارة وتنظيم المشاة وإدارة الحشود، يقول: «من أهم المفاهيم التدريبية التي نغذيها في عقول رجال أمننا البواسل طبعا بعد طاعة الله ثم ولاة الأمر، كيفية التعامل مع ضيوف بيت الله الحرام، وذلك لقدسية المكان التي تتميز بها العاصمة المقدسة، وبالتالي لا بد أن تنعكس تصرفات رجال الأمن على تجسيد الصورة الحسنة والإسلامية السمحة على محيا كل من يدخل إلى مكة المكرمة. ونحن.. ماذا سنغذي ذواتنا، أطفالنا، طلابنا في المدارس؟.

نقلا عن الجزيرة

arrow up