رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

ثورة إم بي سي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

1991 عام كان يزخر بالصراعات والتقلبات المصيرية على المستوى العربي والدولي. في الساحة العربية، كانت الحرب الخليجية الثانية قد بدأت منتصف يناير لتحرير الكويت الشقيقة من عدوان صدام حسين. وفي هذه المعركة تهتز المنطقة عن بكرة أبيها وتختل العلاقات العربية العربية وتتفكك أكثر مما هي متفككة. تنفجر آبار النفط الكويتية بفعل القوات العراقية وتتلون سماء الخليج بأبخرة الدخان وتشتعل بصواريخ سكود وكروز. يبدأ الصحويون بالعصيان وتكشير أنياب التطرف جراء اعتراضهم على استعانة السعودية بالقوات الأميركية لتحرير الكويت رغم فتوى هيئة كبار العلماء التي أجازت هذا العمل. وعلى المستوى الدولي كان العالم يشهد تفكك الاتحاد السوفيتي إلى 15 جمهورية وبالتالي تنفرد الولايات المتحدة بالسلطة على العالم بعد أن جرعتها وحلفاؤها مرارة الهزيمة في أفغانستان.
في هذه الأثناء ووسط كل تلك الزوابع والقلاقل التي تجتاح العالم، ينبثق نور بين تلك الظلمات اسمه مركز تلفزيون الشرق الأوسط mbc من لندن كأول قناة عربية فضائية خاصة تغطي منطقة الشرق الأوسط. في تلك المرحلة كانت الصحوة في عز أوجها وكانت المنابر وأشرطة الكاسيت تتناقل خبر القناة الفضائية التغريبية القادمة من أراضي الفساد والمجون لتعرض الانحلال والفسوق، وما هي إلا فترة حتى بدأ المحرمون يتسابقون بالظهور عليها.
القناة الرائدة في عالم الأسرة العربية لم يكن طريقها محفوفاً بالورود في مجتمعات عربية يغلب عليها الانغلاق والخوف من كل جديد خصوصا حين يكون الجديد قادما من الغرب وبالأخص حين يكون في قضية إعلامية مرئية، حينها يزداد سوء الظن وترتفع معايير المحاذير لاسيما مع بدايات البث الفضائي وارتفاع وتيرة المد الصحوي. كان التيار القادم بقوة آنذاك يحرم دخول التلفزيون في البيت فضلا عن تنصيب لاقط فضائي على سطح البيت، والذي كان يتم قنصه عن بُعد أو تكسيره من قرب احتساباً وبُغية للأجر والثواب. وإذا كان وجود التلفزيون العادي في البيت، في مرحلة سابقة، يُعد وصماً للدياثة، فلك أن تتخيل بماذا يوصم صاحب اللاقط! الغريب أن دخول الإنترنت لم يجر عليه من التحذير والوعيد الشديد كما حصل للبث الفضائي رغم البون الشاسع في عدد مواقع الإنترنت مقابل القنوات الفضائية!
ورغم الحروب الشعواء ضد القناة، إلا أن "mbc" تمضي في طريقها قدماً لتُقدم على خطوة أخرى جريئة بافتتاحها قناة "العربية" الإخبارية في 2003‪/‬3‪/‬3 تزامناً مع دخول القوات الأميركية العراق وقبيل سقوط بغداد والذي كان بمثابة امتحان حقيقي لنجاح القناة أو فشلها. المولودة الجديدة تقوم بتغطية الحدث باقتدار وتقدم أفضل ما يمكن تقديمه، شيئاً فشيئاً، حتى لفتت الأنظار صوبها وبدأت في سحب البساط من تحت القناة الإخبارية الأخرى في المنطقة للمصداقية في الطرح والتوجه المعتدل. ويستمر "مركز تلفزيون الشرق الأوسط" في طرح قنواته حتى كوّن مجموعة قنوات عبارة عن منارات عربية مميزة في الترفيه والأخبار والرياضة مستهدفة كل الأعمار ومختلف الأذواق. أذكر أنني زرت مبنى المحطة في لندن في التسعينات كانت مجموعة صغيرة غير أن الحماس يملأ أفرادها المنتشرون للقاء الزوار العرب في أسواق ومجمعات العاصمة البريطانية، واليوم تقترب من مشاهديها في المدينة الإعلامية بدبي بفريق عمل يتجاوز 3000 فرد يستمتع بها 300 مليون عربي.
لقد نجحت المجموعة باقتدار في تكوين ثورة إعلامية في المنطقة العربية لتصل بها إلى المعايير الإعلامية العالمية بل ربما تفوقت عليها في جوانب أخرى. نجحت في إخراج المتلقي عن الحياة النمطية المألوفة والتقارب مع الثقافات الأخرى في عصر العولمة، وضعت بصمات إيجابية في مجالات المعرفة والسلوك عند المشاهد العربي. ساهمت في رفع الذائقة العربية والخليجية على وجه الخصوص. نجحت كذلك في اكتشاف المواهب العربية بعرض برامج غربية بشكل عربي بديع. خلال خمسة وعشرين عاماً مضت، ها هو التنوير يفرض نفسه مخلفا وراءه الظلام وأهله، دعاة الثبات دون حراك لتجتمع الأسرة الخليجية على mbc1 الأعلى مشاهدة في الخليج العربي وتجتمع الأسرة المصرية على mbc مصر الأعلى مشاهدة في مصر الشقيقة، كما هو الحال في الأُسر العربية التي تجتمع على منارات المجموعة المميزة التي قاربت على 20 منارة إعلامية.
نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up