رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

أرزاق

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

عندما اندلعت الثورة الإيرانية. كانت (الأمة) العربية في حالة غليان وطبخان وتطلع واحلام. كانت الشعارات تملأ كل مكان. ما كنا نظن أن في الجعبة وفي الفضاء مزيدا من الشعارات ولكن الثورة الإيرانية برهنت عكس ذلك. اضافت ثورة الخميني مزيدا من الشعارات ومطتها مطا.
كان عدونا هو (الإمبريالية)، لا أتذكر ان أحدا كلف نفسه وشرح لنا ما هي الإمبريالية. نعرف بصورة غامضة أن الإمبريالية هي أميركا والاستعمار والغرب. هؤلاء هم سبب بلائنا وتخلفنا والتآمر علينا ومنعنا من إقامة الوحدة العربية وتحرير فلسطين الحبيبة. كان الشتم يندلع في بيروت والقاهرة ودمشق، ويجري في المقاهي والندوات وعند إطلالة الرفيق المناضل وفي المناسبات التي تختارها أجهزة المخابرات. يخرج عشرات الآلاف من البشر إلى الشوارع. يهتفون تسقط الإمبريالية ثم يعودون إلى بيوتهم بالكاد يجدون قوت يومهم. مع الثورة الإيرانية تراجعت كلمة الامة العربية والإمبريالية وحل مكانهما الامة الإسلامية والموت لأميركا والموت لإسرائيل. شعاران بسيطان خفيفان وسهلا الهضم. لا يزعل منهما احد ولا تتأثر بهما علاقة إيران بالغرب. لا يتكلف الزاعق بهما سوى القليل من السعرات الحرارية يمكن أن يستردها بقضم حبة فصفص.
اثبتت هذه الشعارات، منذ أيام عبدالناصر إلى بزوغ نجم الخميني وقبلهما الإخوان المسلمون أن عقول الاميركان كبيرة وعقول الثوريين ورجال الدين العاملين في السياسة خبيثة ونحن جيلا بعد جيل كومة من السذج.
تأكد لي هذا أكثر عندما وقف عبدالمجيد الزنداني يخطب معلنا بكل حماسة وفصاحة وثقة إلى درجة أن تحس بصدق الرجل أن الخلافة أصبحت على الأبواب.
أميركا تعرف أن هذه الصرخات لن تميتها والزنداني يعرف أن وعوده ليست سوى حفنة من الأكاذيب الصريحة. ولم يسأل أحد سلالة الخميني في طهران من سيجرع أميركا هذا الموت الذي اقترحته الثورة.
وعلى الضفة الأخرى من الأكاذيب لم يسأل من قابل الزنداني في ندوة أو على عشاء فاخر عن خلافته المزعومة، وعندما وصل الاخوان المسلمون إلى الحكم في مصر لم يسألهم أحد لماذا اختفى شعار الإسلام هو الحل.
من عجائب الزمان أن زعيق الشعارات بقدر ما هو مربح لرجال الدين صار مربحا لأميركا أكثر.. استغلت أميركا إمكاناتها وخبثها الصليبي المعهود فصارت تتقاضى اجرا على كل من يريد ان يشتمها. من لديه الرغبة في الشتم يجب أن يقتني جهاز آي فون واشتراك في خدمة إنترنت واشتراك في تويتر أو الفيس بوك وغير ذلك من وسائل التواصل الجديدة.
يتوجب على الشتام أن يدفع لأميركا ما لا يقل عن عشرة آلاف سنويا. إسرائيل لم يفتها هذا الرزق الوفير. علمت ودربت الآلاف من شبابها حتى صارت من اكثر دول العالم انتاجا لبرامج الكمبيوتر والمحطة الأولى للاستثمار العالمي في مجال أبحاث الميديا الجديدة وأهلا بأعدائنا الشتامين.
نقلا عن الرياض

arrow up