رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

البيت الأبيض .. والكيل بمكيالين!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أمريكا التي لم تكتف بتدبير الانقلابات في دول القارة الأمريكية الجنوبية ، وتجنيد الجنرالات ، ومساعدتهم علي التنكيل بمعارضيهم ، والقيام بعمليات التعذيب البشعة ، وسرقة أموال شعوبهم ، هي ذاتها أمريكا التي تبشر بالديمقراطية وحقوق الإنسان وزعيمة العالم الديمقراطي الحر. صحيح أن كلمة ((المبادئ)) في قانون السياسيين تعتبر مصطلحاً ميتافيزيقياً ، وكلمة مبهمة لا تعني شيئاً محدداً ، وإنما هي القناع الذي تلبسه الضرورات التكتيكية ، وقد أوصي ميكيافيلي بحذفها من هذا القاموس لعدم حاجة القوة إليها ، ولعدم جدواها بالنسبة للسلطة السياسية ، إلا أن الدول كالأشخاص والأفراد ، تحتاج إلي قدر من المصداقية والوقار حتى يصبح التعامل معها ممكناً ، والتعاهد والتعاقد معها مضمون النتائج .
أما أن تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر مناقضاً .. وأما أن تكيل بمكيالين فأمر يربك الآخرين ، ولا يعرفون علي أية قاعدة يتعاملون معها . وتكاد تكون هذه السمة – لا الغالبة بل – الثابتة والدائمة في سجل علاقات الولايات المتحدة الخارجية . وإذا عدنا إلي ملف علاقاتها السعودية التي بدأنا بها ، سنجد -وكلنا يذكر– أن الولايات المتحدة ، رغم علمها بالتوجهات السلمية للمملكة ، إلا إنها تواجه تعنتاً حين تطلب شراء أسلحة للدفاع عن نفسها ، بحجة إحتمال استعمال هذه الأسلحة ضد إسرائيل في المستقبل ، في حين تلبي طلبات إسرائيل حين تطلب أحدث ما في ترسانة أمريكا من أسلحة وبالمجان .
وأحيانا لا يبدو الأمر كما لو كان تناقضاً في السياسات ، بل يصبح غشاً وخداعاً واضحين . إذ كانت أمريكا منذ عهد الرئيس ترومان تخصص معونات ومساعدات عسكرية واقتصادية للدول التي تلتزم بالسلوك الجيد إزاء مصالح الولايات المتحدة ومطالبها . وبالنسبة للدول العربية فقد تم ربط هذه المساعدات الاقتصادية والعسكرية بتحقيق السلام مع إسرائيل والتطبيع معها ، وقامت الأردن التي صدقت تعهدات أمريكا بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل ، مع وعد أمريكي بتنفيذ برنامج مساعدات أمريكية تمتد إلي عشر سنوات تبلغ قيمته (2.5) بليون دولار ، وكان هناك تلميح إلي أن الولايات المتحدة يمكن أن تعطي الأردن بعضاً من المساعدات السنوية المخصصة لإسرائيل .!!
إضاءة : ****** علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الامريكية كانت ، ومنذ ما قبل منتصف القرن الماضي تقوم علي صيغة تحالفية اطمأن إليها الطرفان ، ورغم ما كان يعتريها من توتر بين حين وآخر بسبب اختلاف وجهات النظر ، وتضارب المصالح في بعض الأحيان ، مثلما حدث إبان حرب أكتوبر حين استعملت السعودية نفطها سلاحاً انطلاقاً من مسؤولياتها الدينية والقومية والأخلاقية . وطيلة تاريخ هذه العلاقة كانت السعودية هي الطرف الأكثر بذلاً وعطاءً ، بما كان في بعض الأحيان يتناقض مصالحها الآنية من اجل استمرار هذا التحالف بما يحفظ استقرار المنطقة ، وما يدعم السلام العالمي ، وقد قدمت المملكة العديد من التضحيات في سبيل هذه الأهداف ، ودفعت العديد من فواتير استحقاقات تنفيذها علي ارض الواقع .

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up