رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

حسدت (المشعوذ) على خبثه

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ليس بين العبد وربه حجاب ولا (واسطة) هذا مؤكد ومعروف، ولكن للأسف جبل الكثير من الناس على (السذاجة)، فتجدهم يتشفعون ويتبركون ببعض المشعوذين. وقد وصلني (واتساب) يظهر فيه رجل من المغرب اسمه (المكي الترابي) وذلك في الجزء المسلم من دولة (كرواتيا)، ويمر عليه الرجال والنساء والأطفال يتبركون به وهو جالس على كرسي، وحسدته على خبثه باستغلاله للفرصة عندما تمر به فتاة حسناء، ولكي يزيد في بركتها يدخل يديه وساعديه تحت قميصها، و(يمحلس) على بطنها المكشوف وصدرها ثم يختم ذلك بتقبيل خديها، وهي تشكره بتقبيل يديه، ولم يكن ينقص إلا أن تقبل قدميه. وهذه الشعوذة ليست حديثة وإنما هي قديمة.
وتحكي لنا كتب التاريخ أن رجلاً يقال له (عبد اللطيف) كان سادنا على قبر السيدة (نفيسة) في القاهرة، وكانت تتوالى عليه الهدايا والهبات تبركًا بالقبر، ففكر بوسيلة يكثر بها مدخوله، فاشترى عنزًا وزعم أنها العنز المفضلة للسيدة نفيسة، وهي لا تأكل إلاّ اللوز والفستق المقشر ولا تشرب إلاّ ماء الورد والسكر، وأنها - أي العنزة - هي التي خلصت أسارى المسلمين من الإفرنج في الحروب، ولم يخطر على بالهم أن هذا كله (هجص وكذب)، فالسيدة (نفيسة بنت محمد بن زيد بن علي بن أبي طالب) توفيت عام 208 هـ، والعنزة (المعجزة) ظهرت سنة (1173) هـ - ولكن مثلما يقولون: (رزق الهبل على المجانين) - وانتشر الخبر بين الناس وزادت زياراتهم وعطاياهم.
ولما وصل الخبر إلى الأمير (عبد الله كتندا) خشي الفتنة ووقوع الجماهير بالخديعة، فأرسل للشيخ يلتمس حضوره مع العنزة ليتبرك بها هو وعائلته. فركب الشيخ بغلته والعنزة في حجره، وأمامه الطبول والبيارق وجموع الناس تهزج والنساء تزغرد والأطفال تصفق على طول الطريق إلى باب الأمير. ولما وصل الركب إلى القصر ترجّل الشيخ محتضنًا العنزة ودخل على الأمير في مجلسه، وكان فيه كثير من الأمراء والأعيان، فتبرّك بها وكذلك الحضور، ثم طلب من الشيخ أن يأذن له بإرسالها إلى الحريم لتتبرك بها النساء فقبل الشيخ، وأرسلت العنزة إليهن وكان الأمير قد أمر الطباخ أن يذبحها ويعتني بطبخها، فذبحها وأعدّها وقدمت مع الأكل، وجلس الجميع يأكلون والأمير يسأل الشيخ عن طعم لحمها فيقول: لذيذ! والأمراء يتغامزون ويضحكون. فلما أكلوا وشربوا القهوة طلب الشيخ عنزته فأخبر بذبحها فأسقط في يده، ووبّخه الأمير وأمر أن يعمّم بجلدها وأن يذهب به كما جاءوا به بالطبول والمزامير،
وفي ذلك قال الشاعر الشعبي: ومن أعجب الأشياء (تيس) أراد أن / يضل الورى في جبها منه بالعنز فعاجلها من نور الله قلبه / بذبح وأضحى الشيخ من أجلها مخزي
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up