رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

أنا: «منافق» إذن أنا حاضر ومحظوظ..!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

* انبذوهم فهم الذين لا يقيمون في حساباتهم لـ: «الوطن» أيّ اعتبارٍ شرعيّ/ وحقوقي.. وليسوا ممن يرقبون في: «مواطنٍ» إلّاً ولا ذمّة.. يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم، هم الأعداء لـ: «صاحب الكرسي» ولـ: «المواطن» ولـ: «الوطن» فاحذروهم؛ فقد مسّنا وأهلنا – ووطننا – منهم الضُّر.. قاتلهم الله أنّى يؤفكون.! ……
في كتابه: «الأمير» يُحذّر: «ميكيافللي» الرؤساء من المنافقين..!! في فصلٍ عنونه بـ: (كيفية الإعراض عن المنافقين) فكتب الآتي: «لن أتجاهل موضوعا مهما، وذكر خطيئة لا يستطيع الرؤساء تجنبها إلا ببالغ الصعوبة، إذا لم يكونوا من العقلاء والحكماء، أو إذا لم يكونوا يحسنون الاختيار. وهذا الموضوع الذي أعنيه يتعلق بالمنافقين المداهنين الذين تغص بهم البلاطات والمجالس. فمن عادة الناس أن يُسروا ويتعزوا بما يملكون، وأن يخدعوا أنفسهم بذلك، وهذا يجعل من المتعذر عليهم وقاية أنفسهم من هذا الوباء، حتى أنهم إذا حاولوا هذه الوقاية تعرضوا لخطر الزراية.
وليست هناك من طريقة أفضل في وقاية نفسك من النفاق، من أن تجعل الجميع يدركون أنهم لن يسيئوا إليك، إذا ما جابهوك بالحقيقة. ولكن عندما يجرؤ كل إنسان على مجابهتك بالحقيقة فإنك تفقد احترامهم. والمسؤول العاقل هو من يتبع سبيلا ثالثا، فيختار لمجلسه حكماء الرجال، ويسمح لهؤلاء وحدهم بالحرية في الحديث إليه ومجابهته بالحقائق، على أن تقتصر هذه الحرية على المواضيع التي يسألهم عنها، ولا تتعداها. ولكن عليه أن يسألهم عن كل شيء وأن يستمع لآرائهم في كل شيء، وأن يفكر في الموضوع بعد ذلك بطريقته الخاصة.
وعليه أن يتصرف في هذه المجالس، ومع كل من مستشاريه، بشكل يجعله واثقا من أنه كلما تكلم بصراحة وإخلاص، كان المسؤول راضيا عنه. وعليه بعد ذلك أن لا يستمع إلى أي إنسان، بل يدرس الموضوع بنفسه على ضوء آراء مستشاريه، ويتخذ قراراته التي لا يتراجع عنها. أما المسؤول الذي يسير على طريقة مغايرة، فيتهور متأثرا بآراء المداهنين والمنافقين، أو يبدل قراراته وفقا للآراء المتعددة التي تُطرح عليه، فإنه يفقد الاحترام والتقدير» هذا الفصل من كتابه يُعدّ استثناءً، ذلك أنّ في الكتاب: «الأمير» من الآراء والفهوم التي أقل ما يُمكن أن يقال بحقّها: أنّها تتناقض مع قيم: «العدالة والخير والاستقامة» في حين أنّه أصاب كبد الحقيقة في هذا الفصل الأمر الذي نتمنى على كلّ مسؤولٍ أن يُعلّق هذا النص قبالة كرسيه عسى أن يكون له: «تعويذةٌ» من كلِّ شياطين: «الترزز» ممن اُبتلينا بهم، أولئك الذين يقولون القول اليوم ويسعون في تأكيد إبرامه بأيمانٍ مُغلّظةٍ، وفي غدهم ودون أدنى غضاضةٍ لا يتبرّمون مطلقاً من المبادرة إلى نقض ما قد أبرموه قبلاً بحسب الرياحِ واتجاهها؛ إذ يمتطون بساط «عصفها» فتأخذهم – بالدرجة الأولى – نحو: «مكاسبهم» الذاتية التي لا تعود بالنفع إلا عليهم دون أن تتخطاهم.. وعسى – ثانيةً – أن يكون في نصّ: «ميكيافللي» تحصين/ وحماية لصاحب: «أي كرسيٍّ» من الأبالسة، تلك الطائفة التي تشقى في البحث عن: «مصالحها» فتدور حيث تدور: «منافعهم» الذاتية و: «كسوباتهم» الشخصيّة أولئك الذين ما فتئوا يسحقون – في كلّ مناسبةٍ – بأقدامهم المترهلة: «المصالح العامة» غير مكترثين بالإفساد الذي يطال أذاه: «وطنهم» و: «إنسانه» على النحو الذي يضمن لهم البقاء في: «الصورة» حضوراً/ وحظوةً.. فانبذوهم فهم الذين لا يقيمون في حساباتهم لـ: «الوطن» أيّ اعتبارٍ شرعيّ/ وحقوقي.. وليسوا ممن يرقبون في: «مواطنٍ» إلّاً ولا ذمّة.. يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم هم الأعداء لـ: «صاحب الكرسي» ولـ: «المواطن» ولـ: «الوطن» فاحذروهم؛ فقد مسّنا وأهلنا – ووطننا – منهم الضُّر.. قاتلهم الله أنّى يؤفكون.!
«فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلا». وبالجملة.. فإنّي ما رأيتُ قط أشد وقاحةً من: «المنافق» وبخاصةٍ حين يكون غبيّاً؛ إذ يظنّ أنّ باطنه: «غيبٌ» لا نعلمه بيد أنّ فلتات لسانه تمعن في فضحه؛ إذ تُبدي خبيئته من خلال تملّقه – المكشوف – أرأيتم بحياتكم من هو أشقى منه!؟ لكن ما باله يرهن: «وجوده» بـ: (النفاق) ويشرط حضوره بالتزييف الذي يقضي على كلّ قيمة أخلاقية يُمكن أن تُبقيه إنساناً سوياً؟!
ما أخشاه أن يكون ثمّة مناخ وجد فيه ضالته نكون نحن مَن قد هيأ له من خلاله السّبل التي من شأنها أن أتاحت له تعاهد نفسه بوصفه: «منافقاً» خالصاً ابتغاء أن يتقوّت: «بنفاقه» كسبه: «الحرام»، ما جعله كلِفاً بـ: «النفاق» على النحو الذي لا يشعر معه بأيّ معنىً للخزي والعار بل إننا لو أصخنا له السمع لتأذينا من قوله: «المجد للنفاق.. لا للصدق ولا للأخلاق».!
بقية القول: إنّ الأشد إيلاماً حين الاشتغال نزاهةً على لوم: «المنافق» ومؤاخذته على ما كان يقوله ويفعله فيما نحن – على الحقيقة – كما قلتُ قبلا من هيأ له أرضاً صالحةً لأن يدسّ فيها بذور زرعه فيقطف تالياً ثمار انتهازيته حظوظا باذخة السخاء أمكنته من الحضور في المشهد: «السياسي» وبقية المشاهد الملحقة بالسياسي (اجتماعياً/ واقتصادياً)؛ إذ تأكد لديه بأنّه من المحال أن يظفر بكلّ ما سبق (حظوظا/ وحضوراً) لو أنّه كان صادقاً/ نقياً يقول الحقيقة التي في العادة ما تكون في أول مذاقها مُرّةً بيد أن ما ستؤول إليه حلاوةً يتذوق طعمها: «الوطن» و: «المواطن» وصاحب: «الكرسي» على حدٍّ سواء.
قال نزار: سقط الفكر في النفاق السياسي وصار الأديب كالبهلوان يتعاطى التبخير يحترف الرقص ويدعو بالنصر للسلطان.
نقلا عن الشرق

arrow up