رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الضرب (بالمسواك)

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من الفتاوى التي لا أدري كيف أهضمها. حاولت أن أقلبها يمين شمال، بالهداوة وبالعفرتة، أنها تدخل (نافوخي) – ما فيش فائدة. فهمنا أو بلعنا على مضض أن للرجل الزوج الحق في منع زوجته من الخروج من المنزل إلا بموافقته، ولكن أن يصل هذا الحق بمنعها لو أرادت زيارة أبويها أو عيادتهما، أو حتى لحضور جنازة أحدهما، فهذا هو (الشق والبعج).
تصوروا بالله عليكم أن هذا هو الذي يحصل فعلاً في بعض المنازل (!!). بل أزيدكم من الشعر، لا بيتًا ولكن (معلّقة) كاملة لو أردتم، واقرأوا معي بعد أن تصمّوا آذانكم، وتغمضوا أعينكم، وتكتموا أنفاسكم، وتتربسوا عقولكم، هذه الحكم المكتوبة بماء الذهب: لا يلزم الزوج كفن امرأته حتى لو كان غنيًا؛ لأن الكسوة وجبت عليه بالزوجية والتمكن من (الاستمتاع) بها، وقد انقطع ذلك الاستمتاع بالموت.
ولتطربوا أكثر، اقرأوا معي أيضًا (لا بالكم): إذا ظهرت من الزوجة علامات النشوز أو العصيان، كأن لا تجيبه إلى الاستمتاع بها، أو تجيبه وهي متبرمة متثاقلة أو متكرهة، وعظها، فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام، فإن أصرت ضربها ضربًا غير مبرح، ولا يلزم الزوج لزوجته (نفقة) الدواء وأجرة الطبيب إذا مرضت؛ لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة. ويعلق أحد الفقهاء (الفطاحل) على ذلك بحجة مقنعة (لا يخر منها الماء) قائلاً، لا فضت (براطمه): وهو يؤكد أن هذا العلاج يراد به إصلاح الجسم، وهو لا يلزمه بشيء، شأنه شأن (المستأجر) دارًا لا يلزمه ترميم ما وقع من الدار. انتهى.
الحقيقة أن هذا إبداع ما بعده إبداع، وهو تشبيه (الزوجة) شريكة الحياة، وأم الأبناء، ورفيقة الدرب، (بالبناء المستأجر)، فإذا وقع أو تهدم فليس ملزمًا هو بالترميم أو بالعلاج. فأي امتهان بهذا الوصف أو التشبيه أكثر من ذلك؟ فعلاً أي (قرف) أكثر من ذلك؟! سؤالي هو: كم من الرجال (الأزواج)، لديهم جهل مدقع، أو صغارة عقل، أو عقدة نقص، أو أمراض نفسية أو (حيوانية)، فيتسلط بها على زوجته الضعيفة إلى حد (الافتراس)، مستندًا إلى مثل هذه الفتاوى التي تفرش لهم جناح الذل من (القسوة).
وقبل أن أنسى، تحضرني الآن حادثة امرأة (نشزت) لأن زوجها كان يسومها سوء العذاب من شدة ضربه لها، فذهبت للمحكمة تطلب (الخلع)، ووقفت مع زوجها أمام القاضي، واعترف أنه حقًا قد ضربها حسب الشرع (بمسواك) ضربًا غير مبرح. فما كان من الزوجة إلا أن تخرج من تحت عباءتها قضيب (أراك) – أي مسواك – طوله أكثر من متر، قائلة: هذا هو المسواك يا فضيلة القاضي الذي قطّع به جلدي.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up