رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد السحيمي
محمد السحيمي

حين يكون (التبصيم) أكبر همنا!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما حدث في أمانة المدينة المنورة الأسبوع الماضي هو عارٌ حقيقي من أي النواحي قرأته: أن يعلن موظفون احتجاجهم على إجراء يهدف إلى ضبط ساعة العمل السويسرية؛ فهم (يبصمون) بالعشرين على الاعتراف بتفشي التسيب فيهم، وأنه أصبح السائد، والانضباط هو النشاز!
وكلنا نعرف أن أكثرية موظفي الحكومة تعاني من (البطالة) السافرة في المكاتب، ولا يجد بعضهم (ربع) كرسي يجلس عليه من شدة الزحمة! فتسيبه هو ما يحلل (راتبه)؛ من باب إماطة الأذى عن الطريق!
وصدق أو لا تصدق: أن عدد الإداريات في مدرسة ابتدائية بلغ (77) موظفة، مقابل (39) معلمة فقط! وحين رفعت المديرة خطابًا للمكتب المشرف؛ تقترح فيه (جاااادة) أن يعينهن ـ إكرامًا لواسطاتهن ـ على بند (موظفات من منازلهن)؛ كان رد المكتب (لفت نظر) شديد اللهجة للمديرة، التي تتذمر من (واجبها)، وهناك (100) زميلة تتلهف لمنصبها، وبالواسطة القوية بعد!!
ولهذا جرت العادة غير السرية، على أن يتفق الموظفون (العواطلية) على توزيع الحضور ـ وليس العمل ـ بينهم! وهي فكرة خصوصية سعودية تعود إلى أكثر من ربع قرن!! وقد وصل العدل في بعض المرافق البيروقراطية إلى أن يحضر أحدهم في الشهر مرة واحدة فقط!! ومهمته الوحيدة هي أن يوقع الحضور والانصراف، عنه وعن بقية الزملاء، بما لا يقل عن (20) مرة لكل واحد، بعد حذف عطلة الأسبوع! ويحق له أن يطالب بخارج دوام عن ذلك اليوم؛ إذا لم ينجز عمله المرهق (التوقيع فقط) خلال ساعات الدوام الرسمي!
وكانوا يستخدمون الأقلام؛ فهل سيعدمون اليوم من يجري لهم جراحة (تقشير ودبغ جلد الإبهام)؛ تسمح لكل واحد أن يستخدمه (ميدالية)، ويعطيه الزميل (المناوب) ليقوم بالتبصيم نيابة عنه ؟؟!
أما الوجه الآخر للعار فهو: أن تصبح ملاحقة الموظفين المتسيبين هي أهم ما يشغل مسؤولًا ، يفترض أنه لم يصل إلى ذروة هرم الأمانة إلا وقد واجه أكبر من هذه المعضلة!! فهل يليق بصاحب (المعالي) أن يخوِّن جميع مرؤوسيه بهذه الطريقة الفجة؟ وهل يعرف موظفًا متسيبًا صحا ضميره بالعين الحمراء؟ وقد اضطر معاليه أن يعلن أنه يقضي شخصيًا (13) ساعةً في عمله؛ ما يعني أنه (مركزي) لا يثق في كفاءة مساعديه، وإلا لوزع المهام عليهم بدلًا من توزيع جهاز (التبصيم)!!

نقلا عن مكة

arrow up