رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

العفو ... لا شكر على واجب!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في ظل ما تقترحه علينا رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمشروع النهضوي الطموح، وما يضعه هذا المشروع ببرامجه الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الشاملة من تحديات، تتطلب منا وعيا جديدا، أظننا أصبحنا في حاجة إلى ثقافة جديدة تؤطر العلاقة بين القطاعات المختلفة في الدولة وفق مبادئ المؤسسية، لتحل بديلا لقيم الشخصنة التي ظلت تتحكم في مفاصل هذه العلاقات ردحا طويلا من الزمن. فما كان جائزا من قبل في هذه العلاقات لم يعد مقبولا أن يستمر إلى اليوم، فقد تغير المجتمع السعودي خلال العقود القليلة الماضية، وتطور فيه مستوى وعي الإنسان السعودي بدرجة قد لا يدركها من لا زال يتقوقع في محارة وعيه القديم.

يدعوني إلى طرح هذه القضية ما ظللنا نطالعه في صحفنا المحلية من إعلانات مدفوعة على صفحة كاملة، يشكر فيها أحد رجال الأعمال أو تتقدم شركته بالشكر للوزير المعين في قطاع أعمالها، تشكره هو ومعاونيه (بالإسم والمسمى الوظيفي)، هل تريد أن تعرف لماذا يشكرونه؟، إليك مقطع من إعلان نشر من قبل في هذه الصحيفة «على دعمهم المتواصل للمجموعة (صاحبة الإعلان)، لتسهيل الصعاب، وتذليل العقبات» !!.

هل سمعت بشيء مثل هذا في بلاد الدنيا ؟، أنا شخصيا لم أسمع به، فليس من المعهود أن يقوم كل مواطن في العالم بإنجاز معاملة له في واحدة من مؤسسات الدولة، ثم ينشر إعلانا ــ يكلفه ما يكلفه ــ لكي يشكر الموظف، أو الموظفين على أفضالهم عليه بإنجاز معاملته، ويشيد بهم وبوطنيتهم ودورهم العظيم في نهضة الوطن، ويؤكد صدق ولائهم لولي الأمر وحكومته الرشيدة.

ففي كل بلاد الله في الأرض ينظر إلى أداء الموظف لعمله كواجب أخلاقي وديني، لأنه مسؤول عن أداء أعمال وظيفته التي يأخذ عليها أجرا يعتاش منه هو وأهله وعياله، وسيحاسبه الله على أداء هذا العمل، وعلى المستوى الذي يؤديه به، وذلك وفق القاعدة الإسلامية «من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل» والقاعدة النبوية الأخرى حول الجودة والتي تنص حسب المنطوق النبوي «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، وإذن فلا معنى لكل هذه الإعلانات.

وإلا فإن التأويل الوحيد لمثل هذا الإعلان، لا أعتقد أنه مما يحب الوزير وأركان وزارته، ولا حتى أصحاب الشركة، أن يفهمه الناس وولاة الأمر، إذا كانت الرسالة موجهة تلميحا إليهما، فالسؤال الذي سيطرأ على ذهن هؤلاء سيكون: لماذا توجد في الأصل عقبات وصعوبات تتطلب تدخل الوزير ؟، وما هو مصدر هذه العقبات ؟، هل هي من الموظف المسؤول عن إنجاز المعاملات؟، أم أن الخلل والعيب في أنظمة العمل واللوائح ؟، ولماذا تدخل الوزير في معاملات هؤلاء الذين يشكرونه ؟، وماذا عن غيرهم ممن لا يستطيعون الوصول إليه لحل مشكلتهم؟، وهب أن باب معاليه مفتوح لكل صاحب حاجة (ألا يقول المسؤولون وموظفو علاقاتهم العامة ذلك دائما؟!)، فهل سيتفرغ معاليه ليعمل موظفا يقوم بأعباء موظفيه كلهم ؟.

ألا ترى معي كيف أن إعلانا بالشكر جر على الشاكر والمشكور من التساؤلات، وفتح أبوابا من الشكوك، كانا في غنى عنه ؟.

إن هذا لا يعني بالطبع إدانة لأي منهما، فعلى المؤمن أن يحسن الظن بالناس، ويرد عملا مثل إلى حسن النية عند الأطراف جميعها، أو أن يرده إلى تقاليدنا الاجتماعية وعاداتنا في المجاملة من باب «من لا يشكر الناس لا يشكر الخالق».. ولكن حري بنا أن نفهم أن سلوكا مثل هذا غير مقبول ومثير للشك وللريبة، بل هو غير قانوني ويستوجب التحقيق في مجتمعات أخرى.

فلتفتحوا أعينكم على سعتها، فنحن والوطن نمر بمرحلة إستثنائية ، ومن الأحسن لكم ولنا ولسمعة بلادنا أن تتبنوا منهجا آخر وثقافة أخرى. !

خاتمة

*****
لإنجاز أهدافنا وطموحاتنا في الحياة , يجب أن نحرص على الوقوف بثبات ونبذل جهدآ كبير لأن يكون كل يوم إنجاز يُثمر وطموح يكبر وهدف يتحقق .

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

آخر الأخبار

arrow up