رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

معاييرنا النقدية يجب ان تختلف!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من الطبيعي أن يتصدى الإعلام للكشف عن أوجه الخلل في أداء مؤسساتنا ومرافقنا ، ومن واجبه أن يفضح أوجه القصور في تحمل مسؤوليات العمل العام ، وأن يعري الفساد ويلاحقه اينما وجد ، كما من واجبه أيضاً أن يقترح الحلول والوصفات العلاجية ، يبدو كل هذا بديهياً ولا غبار عليه ، إلا أن السؤال هو : كيف ينبغي أن نفعل هذا ؟ .
أسأل هذا السؤال لأننا نشاهد بعض الاعلاميين (ودون ذكر للأسماء) يمارسون هذه المهمة النبيلة بطريقة تضر بالمصلحة العامة أكثر مما تفيد ، ونحن لا نشك في نبل مقاصدهم ، إلا أن الطريق إلى الجحيم مرصوف بحُسن النوايا كما يقول الفرنسيون في أمثالهم ، فنجدهم يعرضون لمشاكلنا وإخفاقات مؤسساتنا بتركيز يخل بتوازن النظرة النقدية الموضوعية. هنا وهناك اخفاقات وأوجه قصور ، مثلما هو موجود ويحدث في أي دولة وفي أي مجتمع ، ولكن بالمقابل إذا وضعنا في الاعتبار ما استطاعت أن تحققه المملكة من تطور في وقت قياسي ، فإن النقد في هذه الحالة ينبغي أن يكون مثل مبضع الجراح يستخدم للعلاج وليس خنجراً يطعن ليقتل ، ويبدو لي إن من ينهجون هذا النهج يجهلون موقع المملكة في الخارطة السياسية الاقليمية والدولية وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها ، بينما يدرك هذا الموقع وحجم التأثير والدور المتوقع منها أعداءها الذين لا يكفون عن الكيد لها ومحاولات النيل منها ومن سمعتها ومكانتها ، ولا أعتقد بأن من يتناولون أوجه القصور عندنا يهدفون إلى طعن الوطن في ظهره ولا يريدون أن يقدموا الوطن لأعدائه بصورة شائهة .

أعتقد بأن المسألة لا تعدو عن كونها سوء فهم لوظيفة النقد ، فأنت حين تندفع مركزاً على السلبيات وحدها وتتناولها بصورة لا تتحرى فيها سوى توفر اكبر قدر من الاثارة ، سواء بحسن نية في الاصلاح ، أو بحسن نية أيضاً لترسيخ صورة وانطباع في ذهن المتلقى بأنك تتمتع بالجرأة والشجاعة على فضح "المسكوت عنه " وكشف المستور ، مع الاغفال التام لكل انجاز استطاعت هذه الأمة تحقيقه ، فانك في الواقع لا تساعدها على تجاوز ومعالجة الأخطاء وإنما أنت تُضعف ثقتها في نفسها وتتسبب في إحباطها ، وأكثر من ذلك أنت تؤكد ما يحاول اعداءها إشاعته عنها ، وتقدم لهم السلاح (دون قصد طبعاً) لطعنها في ظهرها ، ليتأكد بذلك المثل الفرنسي عن الطريق المرصوف بحسن النوايا إلى الجحيم .

ولعل الذي يجعل هذا البعض من النفر الفاضل يسلك هذا المسلك الناقد هو حماسهم الزائد ووطنيتهم ، ناسياً بأن المملكة لا يمكن أن تقارن بدول الاقليم ، فهي قارة بمساحتها وبتنوعها الثقافي مما يفرض اشتراطات تنموية مختلفة ، ثم انها دون دول العالم تستقبل الملايين من الحجاج والمعتمرين على مدار العام ، مما يفرض أيضاً ترتيبات أمنية مختلفة ، وبحكم إمكانياتها النفطية ومكانتها الدينية فإن ذلك يفرض عليها مسؤوليات دولية واقليمية استثنائية ، فإذا ما وضعنا كل ذلك في الاعتبار فإننا حينها سنعرف بأن معاييرنا النقدية ستختلف
إضاءات :

*******
*عندما أتحدث عن"بلادي" أتجاوز ما أنجز ، لأننا معنيون بما لم ينجز وكان من الممكن أن ينجز !
*قيل..لكل فتنة قناع فالجاهل ينظر إلى ما ظهر وعلا... والعاقل ينظر إلى الباطن والمنتهى فمادة الجاهل في نظره الهوى... ومادة العاقل الوحي والهدى
*بيئة العمل الفاسدة "تستقطب" الفاشلين لسهولة استخدامهم"اينما وكيفما اراد من عينهم".فلا يستغربون عندما يجدون انفسهم ،في مواقع اكبر من إمكانياتهم وقدراتهم.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

آخر الأخبار

arrow up