رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

شاربُ خمرٍ ويُحبُّ الله ورسولَه..! وشلون تجي؟!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هي (ما تجي) بفقهِ مَن ضاق «عطنه» بالرحمة التي جاء بها رسولها صلى الله عليه وآله وسلم. كما أنها (ما تجي) وَفق الذهنية التي ما فتئت تستأثر – زعماً – بحبّ الله تعالى وحبّ رسوله – ومصطفاه – صلى الله عليه وآله وسلم. كيف (تجي) وثمّة من يُكفّر عاصياً أو يجعل «الفسق» له لقباً يمنعه حبّ الله وحُبّ رسوله مع ما معه من إيمانٍ حقيقيٍّ كالجبال رسوخاً.
نعم نعم وألف نعم (تجي) كما روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – «أنّ رجلاً كان يُدعى حماراً وكان يُضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان يشرب الخمر ويجلده النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتي به مرة فقال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يُؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله».
وللقصة ألفاظ أخرى لا تكاد تختلف عما أوردته لكن من المهمّ أن نعرف شيئاً من حيثيات هاته الحادثة ذلك أنّ الصحابي كان اسمه «عبدالله» وكان يلقب «حماراً» إذ عُرف عنه ممازحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومضاحكته وكان قد ابتلي بشرب الخمر فأقيم عليه الحد ليس مرة واحدة بل مرات عدّة ولما كان رفقة المسلمين في غزوة خيبر حيث فتح المسلمون حصونها التي كانت ممتلئة بالخمور وأثناء ما أريقت تلك الخمور ضعفت نفس عبدالله – حمار – فشرب منها فحُمل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمر بإقامة الحد عليه.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ «فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. فَقَالَ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ! مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ! فَقَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «لَا تَلْعَنُوهُ! فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ! لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ». ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ «بَكِّتُوهُ» أَيْ: قَرِّعُوهُ وَلُومُوهُ». فالأمر من بعد إقامة الحد لم يكن ليتجاوز «اللوم والتقريع» وليس شيئاً آخر على ما كان «عبد الله/ حمار» اجترحه من مقارفة منكر «الشرب».
وفي هذا بيانٌ أنّ المذنب بالشرب وغيره قد يكون محباً لله ولرسوله وما ثمّ ما يُمكن أن يمنع ذلك.. وليس بخافٍ أنّ الحبّ لله ولرسوله من أوثق عرى الإيمان فكيف إذن ترسّخ – أوثق عرى الإيمان – في قلب من يأتي «منكرا/ ذنب الشرب»؟! وهل أن مساحة في قلب من يُحب الله ورسوله يمكن أن تتسع لحب «الشرب»؟! بالشرع المنزّل أمكن ذلك وليس ثمّة تعارض لمن فقه «النصوص الشرعية» أما في «الشرع المؤول» فإن ابن القيم – عفا الله عنه – يأبى ذلك في أمر ليس محرما بقطعي كما «الخمر» وإنما بـ «الغناء» ظنّي التحريم.. حيث قال: حب الكتابِ وحبّ ألحان الغناء في قلب عبدٍ ليس يجتمعان. وإنما كنّى ابن القيم بحب الكتاب عن «حب الله وحب رسوله»!
وأستطيع القول: لئن كان ثمة مقارف لمنكراتٍ ولم يزل بعد – يُحبّ الله ورسوله – فإنه ليس ببعيدٍ أن نجد على الضفة الأخرى فيمن يبدو للناس بزي «العابد الزاهد» غير أنّ في قلبه بدعة/ أو نفاقاً يكون مسخوطاً عند الله تعالى وعند رسوله. ولعلّ من استحضر نصوص «الخوارج» في هذا السياق كان له البرهان الساطع على صحة هذا الاعتقاد.
بقية القول: التوكيد على قول أئمة الإسلام بـ «أنّ الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب والسيئات المقتضية للعقاب حتى يُمكن أن يُثاب ويعاقب».
نقلا عن "الشرق"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up