رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

دبي..عولمة في ظاهرها وباطنها!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

إمارة دبي، التي ما أعرف مدينة، على كثرة ما شاهدت من مدن في قارات الدنيا الخمس أكثر منها عولمة في ظاهرها وباطنها، ولعل تجربة دولة الإمارات الطفروية الكبرى هذه مما يجب على الباحثين في مختلف العلوم الإنسانية أن يتوقفوا أمامها تحليلا وتشريحا وتفكيكا، فهي تجربة فذة ومتفردة بكل المقاييس، ويكاد كم وكيف القفزات التي قامت بها في مدى متناهي القصر، وما أحدثته هذه القفزات من تغييرات راديكالية في بنية المجتمع الإماراتي العربي الخليجي، وفي نمط قيمه الاجتماعية والثقافية، يكاد أن يحدث نقلة نوعية في تطور هذا المجتمع، ويحدد مسار تطوره المستقبلي، الأمر الذي يجعل من هذه التجربة نموذجا مثاليا للبحث والتحليل حول ديناميكية تطور المجتمعات في ظل نظام عولمة المجتمعات ثقافيا.

كل شيء في دبي يحاول جاهدا وبإخلاص أن يتماثل ويتطابق مع أحدث المعايير الحضارية الغربية، ولذا فأنت في شوارعها وفي مرافقها العامة لا تكاد تعرف في أي مدينة أنت بين المدن العصرية، بمعنى أنك لن تجد رموزا راسخة تحدد لك «هوية» المدينة، لا من حيث تخطيطها ونمط مبانيها ومرافقها العامة المعماري، ولا من حيث نسيجها السكاني الذي تزدحم به شوارعها وأزقة أحيائها ومرافقها العامة ،فهي أشبه ما تكون بـ «بابل» العربية التي تتحدث بألف لسان ولسان، وإن كان اللسان الآسيوي هو الغالب على ألسنة سكان بابل الخليجية هذه.

كل شيء «هندي» في دبي أو يكاد، ففي أسواقها التي تزدحم بالجنسيات من شتى أرجاء العالم تعلو أصوات أشرطة الأغاني الهندية، والهنود مولعون بالغناء الذي يدخل في كل تفاصيل مفردات حياتهم اليومية حتى في العبادة والطقوس الدينية، أما العربي فشأنه فيها شأن غربة أبي الطيب المتنبي في شعب بوان «غريب الوجه واليد واللسان»، وما يلفت نظرك أن غربة اللسان العربي فيها ليست اختيارية لمن لازالت تشتعل في قلبه ووجدانه حميا التعنصر والانحياز للغته باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات هويته، وإنما هي ضرورة يفرضها عليك الواقع فرضا، فأنت لا بد وأن تلوي لسانك وتغصبه حتى يتسق واللسان «الأوردي» في لغة ثالثة هي القاسم المشترك بين اللغتين حتى تستطيع أن تتواصل في كل شؤون حياتك اليومية.

لذا لا تدهش إذا ضبطت نفسك متلبسا بالحديث مع أحد أبناء جلدتك من بني يعرب في صالة الفندق أو في السوق بهذه اللغة الهجين. هذا إذا أسعدك الحظ واستطعت أن تلتقط في هذا البحر من الحشود البشرية عربيا واحدا، وصعوبة العثور أو التعرف على هذا الجنس «النادر» والمهدد بالانقراض لا ترجع فقط إلى تخفيه أو إخفائه وراء اللسان الثالث الذي لا يدلك على هوية معينة، وإنما أيضا إلى تخفيه تحت لباس مستعار، فأنت تتعرف على الخليجي في مجتمعه، أيا كان موقع مجتمعه سواء إن كان في السعودية أو قطر أو البحرين وغيرها عن طريق لباسه الخليجي المميز، إلا في دبي حيث لا يتميز الخليجي لا بثوبه ولا بلسانه!، وقد رأيت في الفندق أحد أبناء جلدتي باللبس الخليجي المميز فهرعت شوقا إليه، وما بدأنا بالتعارف اتضح لي أنه من إحدى دول الشام الكبير، وقد أسعدتني حركته هذه لمقاومة التغريب وانحيازه لعروبته التي تكاد تغرق في هذا «المحيط الهندي»، حتى ليكاد العربي يهتف منشدا: «بلاد الهند أوطاني»!!. إضاءة ***** "علمتني الحياة " أن أحفظ الوفاء والتقدير لمن يستحقه وأن لا أُفرِطُ في التواصل مع الأخيار أمثالكم،،، فسلامي لكم ممزوجآ " بالتقدير والمعزة" "اللهم اجعل حضوري في قلوب الناس كالمطر يبعث الربيع ويسقى العطشى

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up