رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

هو يقرأ.. هي تطبخ.. «ذاك أوّل»!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قبل أن نعرفَ شيئاً يُنعتُ بـ «الجندر»! كانت صورة المرأة في الكتب المدرسية «عربياً» هي تلك التي لا تُحسن غير أن (تطبخ)! فيما الرجل هو مَن كان (يقرأ)!! وهذا جزءٌ من مخرجات «موروث» ليست تصحُّ النسبة إليه إذ توسّل أصحاب هذا الظنّ أحاديث «مكذوبة» حاشا محمداً -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يقول «لا تسكنوهن الغرف ولا تعلمونهن الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور» في حين أنّ الرسالة التي جاء بها هي «الشريعة» القائمة على أصل الأمر بـ «اقرأ» والتحريض مِن ثَمّ على تعلّم الكتابة «اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم» بوصفه خطاباً إلهياً يتناول المرأة والرجل على حدّ سواء..
وقد صحّ – كما عند النسائي وأبي دواود عن الشفاء بنت عبدالله قالت {دخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا عند حفصة فقال أَلا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَةَ}، وقال شمس الحق آبادي «وأحاديث النهي عن الكتابة كلها من الأباطيل والمواضيع ولم يصحح العلماء واحدًا منها، ما عدا الحاكم الحافظ أبا عبدالله، وتساهله في التصحيح معروف، وتصحيحه متعقب عليه.. ومن قال: إن البيهقي أيضًا صحح حديث النهي وتبعه جلال الدين السيوطي فهذا افتراء عظيم على البيهقي والسيوطي».
إلى أن قال «وخلاصة الكلام أنه لا ريب في جواز تعليم الكتابة للنساء البالغات المشتهيات بواسطة النساء الأخريات أو بواسطة محارمهن، أما البنات غير البالغات وغير المشتهيات فيتعلمن ممن شئن». وليست الكتابة سببًا للافتتان لأنها إن كانت سببًا للفتنة لما أباحها الشارع، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}، والتي تصاب بفتنة إنما تصاب بأمر غير الكتاب» يُنظر في هذا عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة للنسوان، لأبي الطيب شمس الحق آبادي».
أعي جيداً أنّ الكتابةَ في مثل هذه المواضيع لا تعدو أن تكون «متخلّفة» ذلك أنّ الزمن بمسافاتٍ شاسعةٍ قد تجاوزها بحسبان أنّ «المرأة» نفسها لم تُقارب «الرجل» في منجزه «المعرفي» وحسب! وإنما سجّلت لها سبقاً في مواطن أثبت «الرجل» فيها تعثّره!
إذن.. ستقول لي – أيها القارئ – لِم تكتب في هذا الشأن..؟ فأجيبك بالآتي: ما يبث على شاشة «MBC1» وهو النسخة العربية من برنامج « Top Chef» المدهش أن نصيب الرجل جاء أكثر عدداً في المتسابقين – فضلاً عن لجنة الحكم ذات الأكثرية الرجالية – وليس ببعيدٍ أنّ مَنْ سيترشح ليفوز بأفضل «شيف/ طاهٍ» هو «رجل»..! فهل أنّ الرجل – في زمن الجندر – قد سطا على أدوات المرأة واستعمر «مطبخها» لتبقى رهن السرير وبس!؟. ومن جهةٍ أخرى يمكننا أن نتساءل: هل أنّ «المرأة» في مقابل ذلك قد انحازت بكلّها إلى القراءة (والاشتغال المعرفي) وتركت – فيما بعْدُ – شأن الطبخ/ والنفخ لـ «الرجل» الذي بتنا معه لا نكاد نعرف «شيفاً/ طاهياً» يُشار له بالبنان إلا وكان «رجلاً» يعتمر قبعة «الشيف»! وذلك في مطابخ العالم حيث القصور/ والفنادق وسواها؟!
* هل أنّ «الرجل» حينما ينافس «المرأة» حتى فيما هي قد هُيئت له لا يلبث أن يُثبت تفوقه عليها ويسحب البساط من تحت قدميها؟! ما يعني أنّ توافره على آليات «التفوق» أكثر مما هي لدى «المرأة»! * أمسى «الطبخ» علماً/ والتذوق فلسفةً على النحو الذي لم يعد فيه «الطبخ» أقلّ شأناً من «القراءة» ومشتقاتها! لكنه – في مجتمعنا العربي – سيظلّ يُعطي قيمةً أقل إذ «الطبخ» عُرف بـ «المرأة» وعُرفت به!!!
* لم يسبق أن التقيتُ «رجلاً» يفتخرُ ما بين فينةٍ وأخرى بكون «زوجه» قارئة/ نهمة أو أنها تُعنى بـ «المعرفة»! فيما (أزعجونا) بكون «حريمهم» لهنّ نَفسٌ في الطبخ لا يُضاهى!! * حين نَحصر مهام «الطبخ» بـ «المرأة» نصبح وكأننا قد حكمنا (بيولوجيّاً) على أنها وظيفة نسائية وننزع بالتالي عن «المرأة» صفة «القراءة» وكأنهما ضدان «المطبخ/ والثقافة» يتعذّر أن يجتمعا في جسد المرأة!!
نقلا عن "الشرق"

arrow up