رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عقل العقل
عقل العقل

تكريم القصبي في أميركا .. وصورتنا النمطية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تكريم الفنان السعودي ناصر القصبي من قبل الجمعية الأميركية للإعلام الخارجي في العاصمة واشنطن الأسبوع الماضي نظير جهوده في مكافحة الإرهاب في منطقة الخليج، وسط حضور إعلامي وسياسي ضخم، هو لا شك تكريم يستحقه جراء ما قدمه من أعمال فضحت التيارات المتشددة والإرهابية في مجتمعنا، لاسيما آخر ما قدمه من أعمال في مسلسل «سليفي 2» العام الماضي من حلقات لامست الوجدان الشعبي، خصوصاً قيام بعض الدواعش بقتل أقربائهم، وكذلك تعرية «خليفة داعش» المزعموم في إحدى حلقات ذلك المسلسل الكوميدي. الغريب أن ما قدمه عن قتل الدواعش أقاربهم حدث بالفعل بعد أسابيع من بث تلك الحلقة.
لن أتساءل لماذا لا يتم تكريم فنانينا في الداخل جراء ما يقومون به من أعمال لمحاربة الإرهاب والفكر الذي يغذّيه! على رغم ما يتعرضون له من تهديدات تصل حد القتل، لكن هذا موضوع آخر. باعتقادي أن التكريم الذي حظي به القصبي في واشنطن لو استغل من قبلنا كأداة من أدوات الديبلوماسية الناعمة بين الدول لتصحيح صورتنا النمطية السلبية، التي تتجسد دائماً في الإعلام الغربي والأميركي خصوصاً بأن العرب والمسلمين هم إرهابيون، إذ إننا مقصرون على المستوى الرسمي في تغيير صورتنا النمطية هناك، على رغم أن تلك الدول وطبيعتها الديموقراطية تسمح بمثل هذه التحركات، ولكن للأسف نجد أن جهودنا في تلك الدول لا تصل إلى الجمهور المستهدف هناك، وأصبحت مكررة، وتختصر في بعض الرقصات الشعبية في بعض المراكز التجارية، وتصرف الملايين على تلك الوفود والنتيجة «صفر مكعب» للأسف، وحتى شركات العلاقات العامة التي يُتعاقد معها لم تحقق أي اختراق في هذا الصدد.
كنت أتمنى مثلاً أن يكون هناك جدول للفنان ناصر القصبي بعد تكريمه من هذه الجمعية، بحيث يقدم في مراكز أبحاث أميركية مختصة بالشرق الأوسط وفي بعض الجامعات الأميركية محاضرات مصحوبة بترجمة لبعض الحلقات التي قدمها والتي تعنى بمحاربة الإرهاب، ولماذا لم يتم التنسيق لإجراء مقابلات صحافية معه في بعض الصحف الأميركية المؤثرة مثل «النيويورك تايمز» و«الواشنطن بوست»؟ مثل هذه الجهود تقدم دليلاً واضحاً على أن المملكة تعمل على مسارات عدة، ومنها الفن الكوميدي لمحاربة الإرهاب، إذ نجد للأسف أن هناك ربطاً بين الإسلام والعرب والإرهاب في الإعلام الغربي، فعلينا التوقف عن لوم الغرب بأنه يصدر التهم الجاهزة لنا أو أن هناك مؤامرة عالمية علينا، علينا الاعتراف بأن الفكر المتشدد المغذي للإرهاب منتشر في ثقافتنا على رغم المعالجات الخجولة لإعادة قراءة هذا الفكر الديني والذي في المـــقام الأول أساء إلى ديننا الإسلامي.
على من يقومون في المملكة على عملية تصحيح الصورة النمطية لنا في الغرب أن يستفيدوا من مثل نماذج الفنان القصبي وغيره في مجالات أخرى بعيداً عن الشخصيات والمشاريع الرسمية، فمؤسسات المجتمع المدني، وخصوصاً في مجال الثقافة والفنون قد تكون هي الأدوات المناسبة في أي استراتيجية لإعلامنا الخارجي في المستقبل.
نقلا عن "الحياة"

arrow up