رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

القبيلةُ ما بين اللّوذِ والعَوذ..!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا تحسبنّ الذين يلوذون بـ «القبيلة» أمواتاً بل هم «الأحياء» عند «شيخِها» ليس لهم من الأمر شيءٌ سوى التقوّت على «موائده» الباذخة إذ يرتزقون من واسعِ «هياطه» وهم له من المادحين!.. ولئن سألتهم ليقولُنَّ: إنما كّنا نأتي البيوتَ مِن (سلُومها)! ذلك أنّ القبيلةَ قد جاءت بقضّها وقضيضها فأحالتنا «مُدجّنين» لانُحسن غير قول «سم طال عمرك»..! فما كان من «القبيلة» إلا طوّعت (قِيمنا) وَفقَ مسطرة طاغوتها ابتغاءَ خِدمة (نفوذها) إذ لا ترقبُ في «وطنٍ» إلاًّ ولا ذِمّة.. وما المجتمعُ بوافرِ نُسخه الرديئةِ إلا محض استجابةٍ لما أرادتهُ القبيلة أن نكون عليه بالنحو الذي عُدنا معه (أعراباً) من الأبواب الخلفيةِ وقد أحفتنا رمضاءُ صحرائنا القاحلة حيث لم ننتعل سوى خيبتنا ولم نتدثّر بغير عُريّنا كما كنّا في نشأتنا الأولى!.
يموتُ أكثرَ من مرّةٍ ذلك الذي طفِقَ يخصف عليه من ورق الجرأة إذا ما بات يُحدّث نفسهَ أن يخرجَ على «نَصِّ القبيلة» ولو بسطرٍ واحدٍ وبشيءٍ من وَجلٍ واستحياء.. وسيُجلله إكليلٌ من العارِ خِزياً/ وندامةً ما حَيِىَ إذا ما اجترح خطاباً لا يتفقُّ وبعضاً من بنودِ «مدونة القبيلة» المقدّسة!! مَن أنتَ؟! مَن أنتَ يا شبيه «الموالي» لقد ارتقيتَ مُرتقى صعباً يا رويعي الغنم (هكذا استعادوا ذكرى مقتلِ أبي جهل على يد ابن مسعود رضي الله عنه)!
قال قبليٌّ – حتى النخاع: حيثما كانت «القبيلةُ» فثَمَّ شرعُ الله!! خشيَ الآخرون أن يتعقّبوا مقالتَه الآثمة فآثروا «الصمت»! انقلبوا من بعدها «صاغرين» حيث كان «التوحيد» بنقائه من أعزّ أشيائهم الثمينة التي قد أضاعوها خشيةً من غضبةِ «القبيلة» المُضريّة التي من شأنها أن ترديهم في وادٍ سحيق (لا صدى له)!!
وبما أنّ «القبيلة» شيءٌ ذو بال فليس من ريب في أنّ الأيام لا تزيدها إلا تضخّماً الأمر الذي انتهى بـ «القبيلة» لدى بعضهم إلى أن تصبح «دينا» ما حدا بأحد «دهاقنة نارها» إلى أن يرفع عقيرته قائلاً: ما من شيءٍ في «القبيلة» ولـ «القبيلة» إلا وهو «حقّ» مطلقٌ ليس لأيّ أحدٍ أن يَحيد عنه قِيد أُنملةٍ ذلك ما وجدنا عليه آباءنا وإنّا على آثارهم لمقتدون.!
لا ينقضي العجبُ – ولا ينبغي له أن ينقضي – لِمن لم يكن هو من قد اختار «القبيلة» التي وِلد لها/ وفيها ومع كلّ هذا الحمق لم يزل بعد يُعيدُ فينا أمر «الجاهلية الأولى» (الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ). ولئن لم يكن لك ثمّة «قبيلة» تلوذُ بها فأنت – لا محالة – إنما تجترح إثمَ الحياة إذ الأبواب قِبَلك موصدة فيما المفتاح يتدلّى من على رقبة «شيخ القبيلة» وحرامٌ على مثلك أن يدنو من مجلسه فضلا أن يحظى بقربه!!.. فلباطنُ الأرضِ حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ذلك أنّ مَن كان في مثلِ حالك فإنّ قدَرهُ أن يشقى بحياةٍ كُتب له فيها أن يكدح كدحاً وعما قريب فهو إلى (ربّه ملاقيه).
وعلى أيّ حالٍ.. فإنما الفردوس لِمنَ كان له «قبيلةٌ» وألقى السّمع نخوةً وله «العُزْوة» هنا أو هناك وحيثما أتى أو راح بينما أنتَ يا أيها – السلحوت – فسيأتي عليك الدهرُ كلّه وأنتَ لم تكن شيئا مذكورا.. ولن تنتهي بك – حياتك – إلا إلى القسوة والشّظف حيثُ القاع الذي يقطنه «المهمّشون» ذلك هو معنى أن يكونَ المرءُ إنساناً بلا قبيلة!
وبعبارة أوضح يمكن القول: إنّ الزيف الذي اختطفنا وما لبث أن أحاط بنا من كلّ جانبٍ هو الذي ما انفكّ يشتغل بكلّ همّةٍ في سبيل تشكيل ذهنيّة الأفراد حسبما تردينا «القبيلة» أن نكون عليه من تخلّف ونكوص إلى الوراء..! ويسعى – ذاتُ الزيف – جاهداً في قولبة ذهنيّتنا على نحو الصياغة المتردية لنطيحةِ (عقلٍ قبليٍّ) عليلٍ مضروبٍ في عصبيّته المقيتةِ.. إنه «العقل» الذي يرسف في أغلال «القبيلة» وإصرها وحيثما وجّهته لا يأتي بخير ولا يُمكن أن يُثمر نفعاً أو أن يصنع معروفاً وبخاصةٍ أنّه في غالب ما يصدر عنه لا يفتأ يجعل من «الباطل» الزهوق «حقّاً» وسيُتوعّد بالويل والثبور كلّ من بذل وِسعَه في سبيل ردّ الناس بعقلٍ صريحٍ إلى جادة الصواب حيثُ الاعتصام بالكتاب وبصحيح السنة.
إلى ذلك.. فإنّ الذّمة لن تبرأ ما لَمْ نرفع الصوتَ بما يلي: * أعوذ بالله من كلّ شرٍ معقودٍ بنواصي «القبيلة» ومن شرّ «عاداتها/ سلومها» التي لم يُحفظ عنها إلا القول شَطَطا وما زادتنا إلا رهَقا. * أعوذ برب الفلق من شؤم «قبيلةٍ» ما كان من شأنها غير أن فرّقت ما بين أمٍ وولد ونأت بحبيبٍ عن حبيبه فالشكوى لله الأحد الصمد. * العياذ بالله من «القبيلة» التي حالت دون أن يظفر مجتهدٌ بنصيبه ووقفت بالمرصاد لمستحقٍ بنول حقّه حتى مات كمداً وهو يرى مَن هو دونه وقد تبوأ مكانه واعتلى منبره وهو به أحق.!
* عائذٌ بالله أنا من طاغوت قبيلةٍ بخس الناس حقّهم وطفّف المكاييل واحتكم إلى «الهوى» وانتصر بـ «الشيطان» وأخسر الميزان. * أعوذ بالله من همزات «القبيلة» ومن نفخها ومن نفثها وأعوذ من جبّاريها أن يحضرون. * أستعيذ بالله العظيم من شرور «مثقّفي القبيلة» من أولئك الذين ما فتئوا يعيدون فينا «سيرتها الأولى» بدعوى «إنثروبولجيّة» ظالمةٍ ما أنزل الله بها من سلطان وليس عليها من العقل الصريح برهان. و(لا يحوشكم الدختور ابن صويّان). * وعياذاً بالله من سخطه الذي تنزّل علينا بصورة «تكافؤ النسب» وهو عند التحقيق ليس سوى بدعةٍ «كبرى» من بدع الجاهلية الأولى.! * والعوذ بالله تعالى من «أعرافٍ» قبليّةٍ هي إلي الفجور أقرب إذ أتت على أخضرنا في السياسة والاقتصاد والاجتماع حتى أحالته يابساً وجعلت يانعه غثاءً أحوى. * والختم عياذا بالله العظيم من «القبيلة» إذ أنشبت أظفارها في مفاصل «الدولة» ونالت بأدوائها من حراكنا «الاجتماعي» وتسللت بفيروساتها إلى «تعليمنا».
نقلا عن "الشرق"

arrow up