رئيس التحرير : مشعل العريفي
 حمود أبو طالب
حمود أبو طالب

إنها نفس الأدمغة.. ولكن

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كيف فعلوا ذلك؟ كيف وصلوا إلى هذا المستوى؟ كيف استطاعوا تحقيق هذه الإنجازات الهائلة المعقدة التي تتوالى بإيقاع يصعب ملاحقته؟. مثل هذه الأسئلة تحوم في أذهاننا وتتدلى من ألسنتنا كلما شاهدنا إنجازات الغرب الذي نقتات على ما يقدمه لنا كل يوم وفي نفس الوقت يصر البعض منا على أنه قادر على احتلاله وإفناء حضارته وتحويل أهله إلى سخرة لنا يقدمون لنا منجزات الدنيا ونحن ننتظر الآخرة فقط، وكأن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بالعمل والإتقان وإعمار الأرض والحفاظ على الحياة وجعلها أكثر جمالا وأمنا.

الأسبوع الماضي كنا في زيارة للمقر الرئيسي لشركة بوينج العملاقة لصناعة الطائرات في مدينة سياتل الأمريكية وعلى مدى يومين كاملين أتاحوا لنا الوقوف على كثير من أسرار العمل في ذلك المقر الضخم الذي تعتبر مساحته الأكبر بين مصانع العالم بحسب موسوعة جينيس، وكما أكد الشخص الذي كان يقودنا في الجولات. هنا وفي هذا المقر فقط وليس في بقية الأماكن الملحقة به في نفس الولاية أو ولايات أخرى، يعمل ما يقارب 80 ألف شخص. أين هم؟ كيف يعملون؟ أين أصواتهم؟ أين ضجيجهم؟. لا أحد يلمح شيئا من ذلك. كل هذا العدد الهائل يعمل بصمت، وكل شخص يعرف مهمته المحددة تماما ولا يحتاج أن يستفسر أو يثرثر أو يهدر ثانية واحدة من وقت العمل. مكان غير مسموح فيه أبدا بأدنى احتمال للخطأ.
المسار الذي تمر به كل طائرة منذ اللحظة الأولى إلى أن تطير في الفضاء يجعل الإنسان يقف تقديرا للأمم التي تعمل وتصر على سلامة ورفاهية البشر. عندما قال المتحدث إن معظم العمليات تتم بواسطة العمل الروبوتي الآلي الذي لا تتدخل فيه اليد البشرية ابتسمت بيني وبين نفسي لأن الذي حقق هذا الإنجاز المتقدم هو العقل البشري في النهاية. العقل الذي أتيح له أن يعمل ويبدع ويمتلئ بالعلم النافع وليس بالهرطقات والأفكار البائسة التي تجلب العار للبشرية والدمار للبشر.
إنها نفس الأدمغة من الناحية التشريحية والفسيولوجية، لا تختلف عن بقية الأدمغة البشرية في أي مكان، لكن الفرق أنه تم تغذيتها بقيم العلم منذ اللحظات الأولى في الحياة. هنا الفرق، وهنا الجواب على أسئلتنا الساذجة المتكررة كلما شاهدنا إنجازاتهم.
نقلا عن عكاظ

arrow up