رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

تفعيل البعد المعرفى فى مؤسساتنا الامنية!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تجاوز الاكتفاء بإعراض الظاهرة و الغوص عميقاً فى أسبابها وجذورها

إذن لا بد من اقتراح منظور أخر نطل منه على المشكلة ، ولابد من طريقة أخرى للتعامل مع هذا الإشكال ، باعتباره ظاهرة اجتماعية .

ولن يجدي فتيلاً إن ننفى انتمائهم لنا وللوطن ، فهم منا ، وهم جزء منا لا يتجزأ ، ولن يجدي نفعاً إن تنكر أو ننفيه ، وهم فوق صغار السن ، يافعين ، أي لم يكتمل وعيهم بعد مما يعنى أنهم تحت مسؤوليتنا : دولةً ومجتمعاً وإفرادا . أنها ظاهرة اجتماعية وليست ظاهرة فردية .

لذا فان الخطوة الأولى نحو علاج هذه الظاهرة هى إننا يجب أن لا نكتف بملامسة المشكلة / الظاهرة ، وان لا نكتفي بالإنشغال والإعراض ، لأننا فى هذه الحالة لن نقدم علاجاً شافياً ناجعاً للمرض ، وإنما سنقدم مسكنات ومهدآت ، لا نلبث بعد زوال تأثيرها أعراض المرض عن الظهور مرة أخرى وبصورة ربما تكون أقوى تأثيراً .

إذ أجد نفسى لا اتفق مع كثير من الطرح الذى يسود الآن فى صحفنا واعلامنا حين يميل الكثير من الكتاب والمحللين !؟ إلى التعامل مع مثل هذه الظاهرة باعتبارها حالات فردية منتزعة من سياقها الفكرى والإجتماعى والثقافى ، فيقولون عن هذا انه فاشل فى دراسته وذاك يعانى من مشاكل اجتماعية أو نفسية وثالث لا يعلم إلا الله ما الذى دفع بخطاه فى طريق الموت المظلم هذا ! .

مثل هذا التناول لظاهرة معقدة مثل التى نواجهها إنما يشكل هروباً من مواجهة الواقع ومحاولة تبسيطية لا تليق بمن يريد بالفعل أن يعالج ظاهرة بمثل هذه الخطورة

البعد المعرفى الأمنى

******************

واعتقد إن التركيز على البعد الأمنى لهذه الظاهرة لن يساعد كثيراً على وضع حلول جذرية لها ، ولأنه سيقلص الظاهرة إلى مستوى لا يعكس أبعادها الحقيقية .

وإذا كان الجانب الأمنى يظل هو الهاجس الأول وهذا الشئ طبيعي ، لان المجتمع ، بل وحتى الفرد غير الآمن على حياته وعرضه وممتلكاته لا يمكن أن يتوفر له الاستقرار الذى يجعله يحقق أى شئ فى حياته .

إلا أن مشكلة معالجة المهددات الأمنية يجب أن لا تحصر فى الزاوية الفنية الأمنية ، وإنما هى هم وطني شامل وكبير ، له أبعاده الاقتصادية والسياسة والاجتماعية والثقافية والتربوية ، التى يجب أن تتضافر الجهود لمعالجتها .

وتستطيع أجهزتنا الأمنية أن تساهم فى هذا المجهود الوطني الشامل بتفعيل البعد المعرفى فى مؤسساتها ، وقد كتبت من قبل عن ضرورة تفعيل هذا البعد المعرفى الأمنى .

وعن طريق تفعيل هذا البعد المعرفى سنستطيع تجاوز الاكتفاء بإعراض الظاهرة لنحاول الغوص عميقاً فى أسبابها وجذورها ، وبالتالى كيفية اجتثاثها من جذورها .

وقد ضربت مثلاً بظاهرة انتشار المخدرات بين الشباب ، حيث قلت أن السؤال يجب أن يكون : لماذا يجد مروج المخدرات سوقاً رابحة لتجارته السامة بين شبابنا .

والآن فان أجهزة الأمن أيضاً مدعوة إلى جانب المؤسسات الأخرى فى البحث عن إجابة على السؤال : لماذا شبابنا قابلون للتغرير بهم على هذا النحو المدمر ؟ .
الإجابة على هذا يجب أن تسير مترافقة مع الإجراءات الأمنية والقانونية فى حق من يسمح لنفسه بتقرير مصير الآخرين وإستهداف أرواحهم وممتلكاتهم

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up