خبز ومرق قلبي انحرق

قال القدماء فيما قالوا: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب البغضة، والمخالفة توجب العداوة، والمتابعة توجب الألفة، والعدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة، وحسن الخلق يوجب المحبة، وسوء الخلق يوجب المباعدة، والانبساط يوجب المؤانسة، والانقباض يوجب الوحشة، والكبر يوجب المقت، والتواضع يوجب الرفعة، والجود يوجب المدح، والبخل يوجب الذم، والتواني يوجب التضييع، والحزم يوجب السرور، والحذر يوجب السلامة، والتدبير يوجب بقاء النعمة، وبالتأني تسهل المطالب، وبحسن المعاشرة تدوم المحبة، وبخفض الجانب تأنس النفوس، وبسعة الخلق يطيب العيش، والاستهانة توجب النفور، وبالصمت تكون الهيبة، وعدل المنطق يجلب الجلالة، وبالإفضال يعظم القدر، وبصالح الأخلاق تزكو الأعمال، وبالحلم على السفيه تكثر أنصارك عليه، وبالرفق تستحق اسم الكرامة، وبترك ما لا يعنيك يتم لك الفضل - انتهى. أقطع ذراعي إذا كان هناك إنسان يحمل كل هذه المناقب أو المثالب، وأنا شخصيًا لا أحمل منها كلها سوى صفة واحدة، وهي: (الحذر يوجب السلامة)، فهل الحذر مرادف للخوف، وهل الخوف متغلغل في جينات الـ(chicken) أي الدجاج؟! ** قال (إيليا أبو ماضي): لي فتاة ملأت صدري جوى / ذاب فيها القلب شوقًا واحترق كل يوم لي منها قبلة / في صباح.. في مساء.. في غسق لا تظنوني أثيمًا في الهوى / ففتاتي من مداد وورق وعلى النسق ذاته قال بدر بن عبد المحسن: لا تردين الرسائل/ ويش اسوي بالورق / وكل معنى للمحبّة/ ذاب فيها واحترق وعلى النقيض منهما، هناك إنسان لا تعني له الأفكار أو النساء شيئًا، فعشقه كله هو الأكل، ولا أنسى غناءه وهو يقفز على قدم وساق متجهًا نحو المائدة رافعًا عقيرته، ويقول: خبز ومرق / قلبي انحرق - انتهى. وللناس فيما يعشقون مذاهب. ** تكلم في مجلسنا أحدنا قائلاً: ذُكرت النساء عند (الحجاج)، فقال: عندي أربع نسوة: هند بنت المهلب، وهند بنت أسماء ابن خارجة، وأم الجلاس بنت عبد الرحمن بن أسيد، وأمة الله بنت عبد الرحمن بن جرير، فأما ليلتي عند هند بنت المهلب فليلة فتى بين الفتيات يلعب ويلعبون، وأما ليلتي عند هند بنت أسماء فليلة ملك بين الملوك، وأما ليلتي عند أم الجلاس فليلة أعرابي مع أعراب في حديثهم وأشعارهم، وأما ليلتي عند أمة الله بنت عبد الرحمن، فليلة عالم بين العلماء والفقهاء. فلما انتهى سألته: لو كنتَ مكان الحجاج، فماذا تريد أن تكون؟! قال: عالم بين العلماء والفقهاء، قلت له: يا ثقل دمك، فسألني: طيب، وأنت ماذا تريد؟! قلت له: فتى بين الفتيات يلعب ويلعبون، وهل هناك لعب أروع من (هيك)؟! يا (.....).
نقلا عن الشرق الأوسط