التاريخ المشترك بين مناهضة العبودية واستقلال المرأة
في قرية صغيرة على أطراف ماساتشوستس الأمريكية استيقظت لوسي ستون في فجر يوم ماطر من شتاء 1835، لتقوم بحلب الأبقار، وخياطة أحذية عمال المزرعة، تحدثت بأسى: «ولدتني أمي لوحدها في الحظيرة، كان الجميع مشغولين بالحصاد»، تنظر لوسي بشفقة لحال أمها التي لم تكن تعرف تقرأ ولا تكتب، أنهكتها أعمال المزرعة، وتكاليف الريف. حين بلغت الثامنة عشرة قررت أن تتمرد على واقعها وتلتحق بالكلية، كانت هناك مدرسة واحدة في أمريكا التي يسمح فيها بالدراسة المختلطة بين الذكور والإناث، والأعراق المختلفة. حين صارحت والدتها بالأمر، قالت أمها: «لا يا ابنتي، إياك أن تفكري في ذلك.. هذا أمر محرم»، صرخ والدها بلكنته الأيرلندية في وجهها: «لن تفعلي ذلك مطلقاً، النساء لسن بأفضل من الحيوانات». لكن رغم ذلك التحقت بالدراسة سراً، وهناك تعرفت على امرأة سوداء تدعى صوفيا، أصبحت تشاطرها همومها، وتعبر لها عن رأيها. صوفيا لم تكن بأحسن حالاً منها، كانت تعاني اضطهاداً مزدوجا، بالإضافة لكونها امرأة، كانت سوداء ينطبق عليها قانون العبودية والرق. بكت صديقتها ذات مرة وقالت: «ذلك الرجل يقول إن النساء ضعيفات عاجزات، ألست أنا امرأة، يمكنني أن أعمل ما يعمله الرجل بالضبط، وأتحمل لسعات السوط كذلك، ألست امرأة، ولدت خمسة أطفال ورأيتهم أمام عيني يتحولون إلى عبيد، وعندما صرخت صرخة امرأة مكروبة، لم يسمع أحد صراخي». قررت لوسي أن تناضل من أجل أمرين: دعم حقوق المرأة، ومكافحة العبودية والرق. وقفت تخطب أمام الجمهور في وقت كان وقوف المرأة أمام العامة منبوذا ومحرما، كانت تتلقى وابلا من اللعنات، والحجارة، والفاكهة العفنة التي ترمى في وجهها. قام رجل ذات مرة فضربها حتى سقطت مغشية على وجهها. لكن ذلك لم يحبط عزيمتها، فكانت أول امرأة تحصل على الشهادة الجامعية في ولاية ماساتشوستس. أصبحت عضوة في كل من جمعية (سوفرجت لحقوق المرأة)، وحركة (التحرير من العبودية)، كانت المطالب مشتركة ومتشابهة إلى حد كبير بين الجمعيتين، وهي المساواة في الحقوق، ورفض التفريق بين البشر، وإعطاء الحق في التعليم والعمل، والمشاركة العامة والتصويت، وهي كلها حقوق منقوصة، أو يحرم منها العبيد والنساء على حد سواء. حققت أنشطة ستون التي تخص حقوق المرأة بعض المكاسب الملموسة في ظل الظروف الصعبة التي عاشتها المرأة في القرن التاسع عشر بأمريكا. في أبريل عام 1850 ساهمت ستون في تأسيس اتفاقية حقوق المرأة الوطنية الأولى، التي تدعو إلى ضمان حق المرأة في المساواة قانونيا وسياسيا مع الرجل، بالإضافة إلى حق المرأة والسود في التصويت. وضمن عملها في جمعية الإلغائية لمناهضة العبودية، قدمت ستون مع زميلاتها عام 1864 عريضة إلى الكونغرس الأمريكي، وقعها حوالى 400 ألف للمطالبة بالتحرر الكامل للأمريكيات ذوات البشرة السوداء من أسر الاستعباد، وساعدت هذه العريضة على تحقيق التعديل الثالث عشر في الدستور الأمريكي الذي أدى إلى إلغاء الرق. أصبحت ستون تاريخا محفوظا في ذاكرة المرأة الأمريكية، ومسيرة مناهضة العبودية، كتبت إليزابيث كادي سانتون: «كانت لوسي ستون هي الشخص الأول الذي أثار الرأي العام الأمريكي بشدة بشأن وضع المرأة، كانت واحدة من ثلاثية القرن التاسع عشر لنصرة المرأة وحق التصويت».
تعلق ناشطة يمنية في مجال حقوق المرأة فتقول: «كنت أقرأ أن بعض عبيد أمريكا كانوا ضد تحررهم من العبودية، وهذا بالضبط ما شعرت به حين سمعت خبرا أن نساء في مؤتمر الحوار الوطني باليمن رفضوا تشريع قانون يمنع ضرب الزوج لزوجته في الدستور الجديد، بحجة أنه قانون مخالف لتقاليد المجتمع».
نقلا عن عكاظ
لا يوجد تعليقات