رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

عفوا هل السعودية بلد سياحي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يكثر الجدال حول مقومات السياحة في السعودية، فهل لدينا مقومات جاذبة وبيئة سياحية رافدة وبنية تحتية جاهزة ومجتمع مهيأ للسياحة؟
الذي يعتقد أن مقومات السياحة تكمن في الملاهي الليلية والبارات والماخورات وأندية القمار وشواطئ العراة فعليه ألا ينتقل للسطر التالي.
جميل، أنت في هذا السطر، ولهذا فأنت سائح محترم ترى أن السياحة لها دوافع ومقومات أسمى، ومنها عامل السفر والتعرف على بلدان ومواقع تاريخية وشعوب وثقافات مختلفة.
هذا الأمر ينطبق تماماً على هذا البلد -السعودية- الأشبه بالقارة، تزيد مساحته عن 2 مليون كيلومتر مربع، متعدد العوامل الجغرافية والمناخية والتاريخية والثقافية والدينية والفنية والحضارية، والبنية التحتية والخدمية الحالية والقادمة المتمثلة في المشاريع السياحية الجبارة التي سترى النور قريبا. فالسهول والكثبان والسواحل والجبال والبحار والأودية والجزر وطبقات المياه، كمكونات جغرافية قد -بل أزعم أنها- لا تتوفر مجتمعة في بلد آخر كما هي الحال لدينا.
في الجانب المناخي نجد التنوع الثري يتشكل في أبهى الحلل طوال مواسم السنة، في شمال البلاد وجنوبها ووسطها علاوة على سواحلها الشرقية والغربية. لدينا عمق تاريخي توثقه المخطوطات والمنحوتات الصخرية منذ آلاف السنين، وتؤكده أشعار العرب التي تحدثت عن الأماكن والأحداث المختلفة.
في تاريخ الجزيرة العربية عدة لغات محكية مكتوبة على الصخور، كالثمودية واللحيانية والمسمارية، وكمية نقوش والتي أؤكد أنها لا تتوفر في بلد آخر، وبالتالي فإن بلادنا تستحق أن تكون أحد أهم مقاصد العالم سياحياً إذا تم استغلالها الاستغلال الأمثل.
هنا أيضاً كانت الأحداث التاريخية والأدبية والسياسية والعقائدية، والثقافات المتعددة من قبل وبعد الإسلام والتي أثّرت ورسمت معالم كوكب الأرض.
وكما أن لدينا في الجزيرة العربية عمق تاريخي لعشرات القرون، فإن لدينا كذلك حاضر مشرق أيضا من دولة عصرية ناشئة، تمكنت من اقتحام دول العشرين العظمى اقتصاديا، وأنشأت مدناً صناعية كالظهران والجبيل وينبع، وشركات عظمى كأرامكو وسابك، علاوة على مشاريع عملاقة قادمة كنيوم والقدية والتي سيكون لها دور بارز في تغيير معالم الصناعة والتجارة والاقتصاد والسياحة في العالم، الأمر الذي يتوجب معه العمل الجاد على تفعيل التنمية السياحية الوطنية.
إن أحدث أنواع التنمية هي تنمية السياحة، والتي تسعى لها الدول كمصدر دخل عظيم الشأن، الأمر الذي يجعل هذا النوع التنموي، عند أغلب دول العالم، أحد أهم قضايا العصر، كونها تساهم في زيادة دخل الأفراد والمؤسسات والحكومات والقطاعات كافة، وبالتالي فهي أحد الروافد الرئيسة للدخل القومي.
إن أهداف التنمية السياحية تختلف بحسب الزمان والمكان، فالذي يتناسب مع بلد قد لا يتناسب مع بلد آخر نظراً لاختلاف الثقافات والقيم، وتفاوت الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية. كذلك، فإن الأهداف ذاتها قد يختلف زمنها، فما يصلح كهدف في مرحلة معينة قد لا يصلح كهدف لمرحلة أخرى.
الكل يعلم مردود السياحة على الدخل العام والدخل الخاص للمؤسسات الخاصة والعامة والأفراد، من خلال جذب سواح الداخل الذين ينفقون 30 مليار دولار سنوياً على السياحة الخارجية، كأحد أكبر دول العالم إنفاقا على السياحة، علاوة على استقطاب سواح الخارج.
وللسياحة دور في رفع مستوى الوعي الشعبي، وتحسين الصورة النمطية المحلية السلبية عن أهداف السياحة، علاوة على تنمية المجتمع حضريا وثقافيا، من خلال رفع مستوى الوعي والاعتزاز بتاريخ الوطن وجغرافيته ومقدراته، والارتباط المباشر بمكوناته وتراثه.
السياحة تخلق بيئة جاذبة لاستقطاب السواح الأجانب والمقيمين والمواطنين لإشباع حاجاتهم ورغباتهم للاستجمام والاستمتاع والترويح بما يتوافق مع القيم والتشريعات المحلية.
ولها كذلك دور فاعل في تصحيح الصورة الذهينة غير الجيدة عن وطننا، الذي يراه الكثير من شعوب العالم مجرد صحراء قاحلة تتوسطها آبار نفط. وللسياحة أيضاً دور في مد جسور التواصل مع الشعوب، من خلال فتح البلاد لسواح العالم ليتعرفوا عن قرب على السعودية والمجتمع السعودي المضياف، وزيادة مستوى التفاهم والاحترام المشترك، وتعريف الزائر على تراثنا الضارب في عمق التاريخ والمتنوع في أشكاله المتعددة، الثقافي والعمراني والفلكلوري والفني وخلافها.
وللسياحة أهمية في حماية مقومات البيئة كإحدى ركائز التنمية المستدامة، من خلال التعامل الأمثل مع مواردنا الطبيعية والحيوانية، وتجنب بواعث التلوث والمحافظة على موارد التراث المحلي.
الكثير يعتقد أن قطاع الدولة العام هو المسؤول الأول عن السياحة، بينما الأمر يتعدى إلى كل مكونات القطاع الخاص، وإلى الأفراد وسلوكهم في التعامل مع السائح المحلي أو الأجنبي، فقد شاهدنا بلداناً جميلة غير أن أهلها سيئو السلوك مع السائح تحديداً.
نقلاً عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up