رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

الانتماء الوطني و"المواطنة العالمية"

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يقصد بالانتماء الوطني حقيقة انتماء الشخص إلى وطن يمثل بوتقة الانصهار الأكبر التي تذوب فيه بقية الانتماءات الأقل حجماً. وبمعنى آخر، أن يكون الوطن هو الدائرة الانتمائية الأكبر التي تستوعب بقية الدوائر الانتمائية. إلا أن العولمة بإفرازاتها المختلفة مع ثورة الاتصالات ووسائل التواصل قد فرضت على العالم نوعا آخر من الانتماء وهو "الانتماء للعالم" أو ما يطلق عليه المواطنة العالمية. حيث قادت زيادة التشابك بين المصالح البشرية، وزيادة التفاعل حتى وإن كان في العالم الافتراضي، إلى الحاجة الماسة إلى أن يمتلك الإنسان مجموعة من القيم العالمية التي تمكنه من التفاعل الإيجابي مع العالم الآخر سواء كان بشرياً أم جغرافياً، لا سيما العالم الآخر المختلف. وذلك من أجل ضمان التفاعل البشري الإيجابي من ناحية، والقضاء على العديد من التحديات الناجمة عن زيادة التفاعل. لذلك نجد التعليم من أجل المواطنة العالمية على رأس استجابات اليونسكو لهذه التحديات.
ومن هنا فقد نعرف المواطنة العالمية بأنها القيم الإنسانية المشتركة، كالعدالة الاجتماعية، والتعايش السلمي، ونبذ الإرهاب والتطرف، وتقدير التجربة الإنسانية الأخرى، والحرص على كوكب الأرض، وإدراك الواجبات الملقاة على عاتق الإنسان بصفته عضوا في المجتمع العالمي.. إلخ. إلا أن هناك ضرورة لخلق توازن بين "الانتماء الوطني" و"الانتماء العالمي". والمقصود هنا، أنه لا بد أن يمر التوجه نحو "المواطنة العالمية" عبر "الانتماء الوطني". بحيث يكون الانتماء الوطني هو الأساس الذي ينطلق منه الفرد نحو تحقيق رسالته العالمية البناءة. والمتابع لدور المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس - طيب الله ثراه - يرى وبكل وضوح الدور الإيجابي الذي تلعبه في محيطها العالمي. فالمملكة من أهم الدول العاملة على استقرار النظام السياسي العالمي عن طريق نشر ثقافة الحوار والسلام، وحل النزاعات والصراعات، ومكافحة الإرهاب والتطرف. وعلى صعيد النظام الاقتصادي العالمي، نجد المملكة صمام أمان لاستقرار الاقتصاد العالمي، واستقرار أسواق الطاقة. وعلى الصعيد الديني، تحرص المملكة على الحوار بين الأديان، والبناء على المشتركات الإنسانية من أجل خلق عالم أكثر تسامحا ومتسعا للجميع. من هذه الأدوار السعودية المحورية ينطلق دورنا كأفراد للمساهمة في "المواطنة العالمية" من خلال انتمائنا الوطني أولاً، ثم رسالتنا العالمية، وهو الدور الذي يجب تعزيز القيام به في نفوس أبنائنا وبناتنا.
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up