رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. محمد العوين
د. محمد العوين

أعمارنا التي سرقتها الصحوة 3-4!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

شكل مطلع 1400هـ 1979م نقطة تحول هائلة في تاريخ المنطقة العربية؛ فقد فوجئ العالم فيه بحدثين سياسيين خطيرين هيآ المناخ لإشعال حدة الصراع الفكري والطائفي في المجتمع الواحد وفي المجتمعات المتجاورة.
زُف الخميني من ملجئه في باريس إلى سدة الحكم في إيران 1 فبراير 1979م لتدخل المنطقة في توتر طائفي وشعوبي قاد إلى حرب مستعرة استمرت تسع سنين بين العراق وإيران مع سعي محموم من قبل الصفويين الجدد لتصدير ما أسموه بـ «الثورة» في إعلان رسمي من قبل كهنة النظام الجديد إلى أنهم يطمحون إلى استعادة مجد فارسي آفل عن طريق عمامة «ولاية الفقيه» إيحاءً منهم بأنه ينوب عن الإمام الغائب إلى أن يظهر من سردابه المزعوم.
وإذا كانت ثورة الخميني قد أوقدت نيران الطائفية؛ فقد هيأت المناخ أيضا للمساعدة في تكون فكر متطرف مضاد يدعو إلى مواجهة كل من يختلف معه في أفكاره، ويرفع شعارات رفض الجديد، وكما اعتمد التطرف الخميني على كثير من الخرافات؛ فإن التطرف المضاد له ولكل مختلف معه ولكل جديد من علوم ومستحدثات العصر أعلن عن وجوده في ما عرف بـ «فتنة الحرم» التي قادها «جهيمان» في 1 محرم 1400هـ وقد اتكأ هو الآخر على استدعاء المهدي بتفسير الأحلام التي نسجها بعض المنتسبين إلى ذلك الفكر المتطرف.
وأدى تزامن هذين الحدثين المتناقضين في سنة واحدة إلى تغيير عميق في الأفكار والتوجهات قادت إلى تأزم سياسي ألقى بظلاله على المنطقة كلها مدفوعا بتطرف صفوي، ومن جانب آخر عطلت حركة جهيمان تطلعات التحديث، وألغت كثيرا من خطط النهضة والانفتاح.
لكن ثمة حركة مؤدلجة كانت تبذر أفكارها في التربة السعودية قبل مطلع 1400هـ بما يقارب خمسة عشر عاما وهي جماعة الإخوان المسلمين، وساعدتها فتنة الحرم على أن تتوغل في أعماق المجتمع؛ على الرغم من تناقض حركة جهيمان مع الجماعة في الرؤية والأساليب والأهداف.
فالإخوان يرون جماعة جهيمان متخلفة في المنطلقات غبية في أساليب العمل السياسي جاهلة في تصور مفهوم الدولة الحديثة؛ إلا «براجمية» الإخوان دفعتهم إلى أن يغضوا الطرف عن جهيمان وجماعته ممن يعدونهم مغرقين في سلفيتهم غير الواعية، ورأوا أن حركة الحرم ألانت لهم المجتمع كي تتوغل الجماعة في مناشطه وتمسك بزمام التأثير فيه دون أن تجد من يشكك في أهدافها المضمرة، ولذلك يمكن القول إن من كسب الجولة في قطف ثمار تلك الأحداث هم الإخوان الذين حيدوا فلول متطرفي جماعة جهيمان أو من يسير في خطهم الفكري، ومارسوا أعلى صور التكيف والتقلب في المواقف وارتداء الأقنعة واللعب بوجهين إلى أن تمكنت كوادرهم من التحكم بمصادر التأثير في المجتمع، وأظهرت الجماعة بعض قوتها في أزمة الخليج وتداعياتها، ثم أعلنت عن كامل قوتها في أحداث 11 سبتمبر 2001م التي قادها أسامة بن لادن، وقد كان بداية النهاية لتنظيم الإخوان المسلمين.. يتبع
نقلا عن الجزيرة

arrow up