(عاطلاً).. صنّع مني مديرًا إقليمياً !؟

ذات يوم دفعني الفضول للتعرف على شخصية إدارية مرموقة تقلد مناصب رفيعة آخرها مديرًا إقليمياً في شركة كُبرى.. قابلته وبعد التحايا سألته بشكل مباشر: ما سر نجاحاتك وتميزك الإداري ؟ صمت قليلاً ثم تنهد وقال: قبل عشرة أعوام تقريبًا كنت مديرًا تنفيذياً لإحدى الشركات فأعلنا عن وظائف شاغرة وكنت أنا المسؤول عن مقابلتهم .. فدخل علي أحدهم فألقى التحية وجلس ومن فوري سألته: أنت من (وين) ؟ فأجاب بكل أنفة وإكبار أنا (مواطن).. لا أُخفيك ساعتها امتعضت وتملكني الغضب فكررت السؤال وبحدة هذه المرة فقلت له: أعلم أنك مواطنًا فأنا لست غبيًا .. أنت من أين !؟ ابتسم وبشيء من الاستهجان قائلاً: أيهمك ذلك ؟ أجبت: نعم وإلا لما سألتك .. فكررها بكل ثقة: أنا مواطن ... واستطرد لعلي أعتذر عن الوظيفة .. قالها وهو مديرًا ظهره مُدبرًا يلوي الخروج .. صُعقت من تصرفه وتخليه عن الوظيفة بهذه البساطة ! فعاجلته: مهلاً ما بك ؟ قال: أنت لم تسألني عن مؤهلاتي وقدراتي التي هي من أولويات ومسوغات الوظيفة .. وأضاف: ماذا يفيدك من أين أنا ألا يكفى أني مواطنًا ومؤهلاً ؟ ساعتها خجلت منه واستخففت نفسي فأنا بالفعل غبي .. فعينته بالشركة لاستيفائه للوظيفة .. الأهم أنه لقنني درساً بليغاً لن أنساه .. فقد تعلمت منه أنه من العبث لا بل من المُعيب التعامل مع الموظف بوصفه من هذه المنطقة أو تلك القرية بل فليكن بمقتضى العطاء والإنتاجية بمعزل عن أي اعتبارات أُخرى كي لا ننساق من حيث ندري أولا نُدرك لتُرهات وتصرفات أبعد ما تكون عن الإدارة الحصيفة والقويمة .. وهذا هو سر النجاح والتميز الذي تسألني عنه.