رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

الحرب العثمانية على السعودية !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كيف تحولت الكرامة العربية من كراهية المستعمر الأجنبي إلى الدفاع عنه والارتباط به، بل ودعوته مرة أخرى لاحتلال البلدان العربية.. أليست مفارقة عجيبة، لا يمكن فهم النفسية العربية التي تحولت في أقل من نصف قرن من النقيض إلى النقيض إلا في سياق واحد فقط وهو أن كل ذلك النضال لم يكن سوى كذبة كبرى ودعاية رخيصة تبناها العرب، ولنكن أكثر دقة تبنتها بعض الأنظمة العربية وسوقها الإعلام وصدقتها الجماهير.
في الخمسينات والستينات والسبعينات الميلادية كانت المشاعر تتناقل القصائد والأناشيد بحماس شديد: أمة عربية واحدة.. أمة عربية خالدة من البحرين إلى تطوان.. كانت الرايات واللافتات تعلو الشوارع والمنازل والأندية ومباريات كرة القدم، كان أحمد سعيد من صوت العرب في القاهرة يتلو علينا كل مساء أسفار العروبة مشيراً إلى الرياض بأنها ضد المسار العروبي التاريخي، لم يكن يرى في خطاب شتائمه ما يقوم به زعماء الأمة في الصوالين المغلقة ومن تحت الطاولات، ولم تكن بغداد ولا دمشق البعثيتان ولا بيروت ورام الله وغزة وطرابلس القذافي بعيدة عن تبني خطابات أحمد سعيد ودعاياته.
بينما كانت الرياض تقول في العلن ما تفعله في السر، وتؤمن أن العروبة انتماء وليست إقصاء، لكن ذلك لم يكن مقنعا للأحزاب العروبية والجماهير العريضة المتطرفة التي تتبعها، وهي نفسها التي تكرر اليوم ما قاله أجدادهم وآباؤهم بالأمس في رام الله وعمان وبغداد وبيروت.. إلخ.
كانت المظاهرات تخرج ضد الرياض في الستينات من بيروت والقاهرة ودمشق وبغداد، واليوم في القدس ورام الله وغزة، لا تتبنى سوى نفس السباب والشتم وخطابا واحدا يقول: «العروبة ديننا»، والسعودية عدونا.
كتب غسان كنفاني ونزار قباني وأحمد مطر قصائد الشتائم في حق بدو الخليج، زاهين بقباحتهم ومتحررين من الأدب والقيم في خصومتهم، ليت كنفاني يرى تلاميذه يقفون تحت نوافذ السفارة الفرنسية في بيروت يتلون قصائد الحب للمحتل الفرنسي، ويقبلون أقدام الرئيس ماكرون لكي يعيد الانتداب إلى بلدهم.. أيه أين أنت يا غسان.
لم يكن من السهل مقاومة ذلك الانجراف الهائل المضاد للاستعمار والباحث عن الحرية والتخلص من تبعات الاحتلال، لكنه ويا للأسف وجه خصومته وتهمه للسعودية الناشئة التي لم يكن لها علاقة بهم سوى أن الله فجر البترول تحت أقدام شعبها فحسدوها وحسدوهم.
اليوم كأن المزاج العربي اختلف وأصبح «عروبيا فارسيا. عروبيا تركيا. عروبيا يساريا. عروبيا ديموقراطيا – نسبة للحزب الأمريكي –»، وأصبح الدفاع عن احتلال طهران للعراق وسوريا ولبنان واليمن هو الحلال، وتحولت تركيا من دولة عثمانية محتلة إلى دولة تزف إليها المدن والبلدات كأنهم عرائس وهي العريس، وتحول اليسار المنحل حول العالم الداعي للشذوذ والانسلاخ من القيم هو عراب أخلاقهم.
فقطر التي لم تكمل نصف قرن على خروج المحتل البريطاني من أراضيها إذا بها تسلم عروبتها وشرفها لأنقرة، وعرب ليبيا الذين حارب أجدادهم المحتل الإيطالي والعثماني يقاتلون أبناء جلدتهم ممن يقاوم المحتل التركي بل ويقدمون تحت قدميه الأموال خزائن الأرض التي وهبها الله لهم.
عرب الشمال وبقية عرب الأمصار الذين أرهقونا بالقومية والدفاع عن الفضاء العربي. والمصالح العربية. والدماء العربية، أصبحوا اليوم رأس الحربة في مشروع تسويق الاحتلال «الصليبي العثماني» الجديد المناوئ للسعودية والذي يخطط لتفكيكها أو تحويلها لدولة فاشلة.
لقد تحولت كذبة العروبة إلى مجرد كراسي وطاولات وكتب وقصائد قديمة يتلوها المناضلون الفاشلون في مقاهي الدوحة وإسطنبول وبيروت وغزة ورام الله، واستبدلوا القومية العربية بالقومية التركية والإيرانية، وتراجع الدفاع عن الدم العربي إلى الهيام بالعرق الفارسي والمغولي.
نقلاً عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up